لمعي عبدالسميع .. نجم المنصورة الذي تنافس عليه الأهلي والزمالك
حكايات كروية .. يكتبها جمال عبدالحميد
تاريخ قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك مليء بالصولات والجولات من التنافس الشديد، والذي لم يتوقف عند السباق على الفوز بأكبر عدد من الألقاب والبطولات فقط، وإنما أمتد إلى الصراع من أجل خطف نجوم الأقاليم واستخدام كل وسائل الترغيب والترهيب للظفر بأي نجم يسطع بريقة ..
في كورابيديا نستعرض أشهر قصص صراع القطبين علي النجوم، في سلسلة حكايات كروية بقلم جواهرجي التراث الكروي .. الكاتب المبدع جمال عبدالحميد.
تاريخ صراع القطبين علي نجوم كرة القدم
لعل قصة لاعب المنصورة “لمعي عبد السميع” هي الأبرز على مدى تاريخ الناديين الكبيرين حول انضمام النجوم من الأهلي إلى الزمالك و العكس ..
ولكن القصة كانت قد بدأت منذ عقود طويلة عندما أنضم حسين حجازي أبو الكرة المصرية ورائدها الأول من الأهلي الى الزمالك “المختلط سابقا”، مرورا بساحر الكرة المصرية عبد الكريم صقر وحسين الفار وفهمي جميعي وعلاء الحامولي وغيرهم الكثيرين من اللاعبين الذين لعبوا بألوان الفريقين..
وكان موسم الاستقالات يسمح بانتقال اللاعب من ناد الي آخر عقب نهاية كل موسم .. غير ان اتحاد الكرة قرر في عام1957 تطبيق لائحة جديدة، وبتطبيقها أصبح محرما علي اللاعب الانتقال من ناد الي آخر إلا بموافقة ناديه الأصلي، وحصوله علي استغناء منه. ..
وكان قد حدد اتحاد الكرة نفس العام ليشهد آخر موسم انتقالات في تاريخ الكرة المصرية قبل تطبيق الاحتراف في مطلع التسعينيات.
وشهد عام1957حركة انتقالات واسعة بين لاعبي الأندية، وفي يوليو عام1957 أجري الأهلي والزمالك اتفاقا بخصوص موضوع انتقالات اللاعبين، وأتفق الناديان علي ألا يحاول أحدهما ضم أي لاعب من النادي الآخر إلا بعد الحصول علي موافقة النادي التابع له بالاستغناء عنه ..
وقد تبادل رئيسا الناديين عبود باشا والدكتور محمود شوقي خطابين يتضمنان عدم قبول انضمام أي لاعب من لاعبي الناديين الي الآخر إلا إذا كان معه تنازل من النادي الذي يتبعه.
“حكاية لاعب أسمه لمعي”
لم يستمر اتفاق كبيري الكرة المصرية طويلا، ومضي الناديان يحاولان خطف المواهب والنجوم من الأندية الأخرى، ويتنافسان فيما بينهم عليها ..
وفي سنة 1966 قرر الأهلي ضم لمعي عبد السميع لاعب المنصورة، الذى تألق ولمع بشدة بفضل مهارته الفنية العالية، والذي تنبأ له الناقد الكروي الكبير نجيب المستكاوي بالمستقبل الباهر.
ليدخل الزمالك منافسا للأهلي علي ضم اللاعب، ويتدخل في الأمر كبار المسئولين في الدولة المصرية .. لتصبح حكاية اللاعب الشاب لمعي عبدالسميع مادة رئيسية في صفحات الرياضة بالجرائد المصرية.
وتناول الكاتب الرياضي الرائد الصحفي عبد الرحمن فهمى الموضوع بسخرية رجل الشارع المصري، ووصف معركة لمعي وتوقيعه للأهلي في كتابه “حكايات رياضية” .. وذكر القصة تحت عنوان “حكاية لاعب أسمه لمعي”
لمعي عبدالسميع .. وكواليس انتقاله للأهلي
لمعي عبدالسميع .. كان قد تخطي سن العشرين بشهور قليلة، وهو من مواليد قرية ميت مزاح بجوار المنصورة .. لعب شبلاً في نادي المنصورة ثم أصبح هدافاً بطريقة ملفتة للنظر .. تصويباته لا تخطيء المرمي إلا نادرا ..
نصح أولاد الحلال من أهل الريف الطيبين عم عبدالسميع والد لمعي بأن يلحق ابنه بالنادي الأهلي لكي يلعب دولياً .. حيث الأضواء والشهرة والنقود والنفوذ .. خاصة وان لمعي يعشق النادي الأهلي بالذات.. لا تفوته مباراة للأهلي.
كان فريق الأهلي في شهور الصيف يعسكر في مدرسة أجنبية لها ملعب كرة.. وهذه المدرسة بها قسم داخلي.. نوم ومطبخ وخلافه.. وكان موقعها في شارع أبوقير بالإسكندرية.
فوجئ عبد المنعم حسن “عم عبدة البقال” ببواب المدرسة يخطره في ساعة متأخرة من الليل، بأن هناك شخصاً قروياً يلبس جلباباً يريد ان يقابله ضروري ضروري!!!… تعجب عم عبده البقال، وتساءل من يكون هذا الفلاح وماذا يريد .. في هذه الساعة التي اقتربت من منتصف الليل ..؟ وقرر السماح له بالدخول..
عم عبدالسميع: “هل سمعت عن لاعب بالمنصورة اسمه لمعي؟؟… انه هداف النادي ويريد ان يلعب للأهلي… ما رأيك؟؟
سأله عم عبده: “هل هو أهلاوي ؟؟”… فضحك عم عبدالسميع وقال له: “أهلاوي أكثر منك”!!
خطف عبده البقال رجله إلي المنصورة .. لاعب لم يكمل 21 سنة وأحرز سبعة أهداف في الدقائق التي كان يلعبها مع ناديه .. أخذه إلي القاهرة فوراً وعمل كل إجراءات قيده بسرعة…
ولكن بعض الزملكاوية في المنصورة اتصلوا بمحمد حسن حلمي وأبلغوه بالخبر .. فتحرك حلمي بسرعة، وأوقف قيد لمعي في آخر لحظة…
وسافر كابتن حلمي إلي المنصورة وعرض ضعف ما دفعه الأهلي .. رغم انه لم يكن يعرف المبلغ الذي دفعه الأهلي .. وكانت المفاجأة أن الأهلي لم يكن قد دفع شيئاً بعد .. لقد كان ينفذ رغبة اللاعب الصغير.
الصراع يشتد بين القطبين ،، ولمعي يرفض الإغراءات والضغوط
وحفاظا علي مستقبل اللاعب، طلب المسئولين في نادى المنصورة من عم عبدة التواصل مع محافظ الدقهلية السيد عبد الفتاح فؤاد لإنهاء الأمر، فرأى البقال أن يترك هذه المهمة لرئيس النادي الأهلي في ذاك الوقت الفريق أول عبد المحسن كامل مرتجى، والذى تحدث مع محافظ الدقهلية تليفونيا، وطلب منة الاستغناء عن لاعب المنصورة لمعي خصوصا أن الانضمام إلى الأهلي كانت رغبة اللاعب ليرد المحافظ انه سيجتمع مع مجلس إدارة نادى المنصورة لبحث الامر.
وبعد اجتماع طال ساعات رفض محافظ الدقهلية عبدالفتاح فؤاد الاستغناء عن اللاعب لأنه كان زملكاويا، وسانده وزير الرياضة في ذلك القرار بحجة أن نادى الطيران قدم عرض هو الأخر ضم اللاعب .. إلا أن الحقيقة كانت رغبة المحافظ والوزير في ضم لمعي المتألق إلى صفوف نادى الزمالك.
قامت الدنيا ولم تقعد وقتها .. وكان وزير الرياضة اسمه “طلعت خيري” زملكاوي حتي النخاع .. أستدعي اللاعب ووالده في مكتبه وطلب منه الانضمام للزمالك بأي ثمن، وأنه علي استعداد لخدمة عم عبدالسميع والد لمعي في أي شيء يريده من الحكومة .. ولكن لمعي رفض كلام الوزير وقال له انه إن لم يلعب للأهلي سيظل في المنصورة !!
وتدخل محافظ القاهرة أيضا سعد زايد مجاملة للمشير عبد الحكيم عامر الزملكاوي محاولا إقناع اللاعب ووالدة باللعب للزمالك، وأصر لمعي عبد السميع على الرفض ووصل الأمر إلي التهديد من جانب اللاعب باعتزال الكرة .
وأشتد الصراع حول اللاعب .. وأصبحت الأخبار حول لمعي تتصدر الصفحات الأولى من الجرائد، وأصبح نجم المنصورة الصاعد الواعد حديث الصباح والمساء .. بل إن أخباره صارت سبقاً صحفياً تتصارع من أجله الصحف اليومية أكثر من صراعها علي ضراوة المنافسة بين الأهلي والزمالك.
أخيرا لمعي عبدالسميع يحقق حلمة باللعب للأهلي
أصبح وضع لمعي معقد .. فالاستغناء الخاص باللاعب في جيب عم عبده البقال، ولكن لا يستطيع ان يقيده بأوامر الوزير .. ونادي المنصورة لا يستطيع ان يشركه لأنه استغني عنه رسمياً .. وظل اللاعب عدة أشهر لا يلعب ولا يتمرن.
ووصل الأمر إلي المشير عبدالحكيم عامر .. الذي أستدعي اللاعب والوزير ورئيس الأهلي “الفريق مرتجي” ورئيس الزمالك، وطلب المشير عامر الزملكاوي من اللاعب أن يقول رأيه ورغبته في اللعب لأي من الفريقين .. فأصر لمعي علي نفس الكلام… إما الأهلي أو العودة إلي المنصورة .. ليحسم المشير الأمر بتحقيق رغبة اللاعب ويتم قيده في الأهلي بعد هذا الاجتماع.
وبعد صراع طويل وكبير بين قطبي الكرة المصرية أنتقل لمعي الى القلعة الحمراء، ولكنة لعب للأهلي شهوراً معدودة فقط مع جيل ضم الحارس مروان كنفاني، ميمي عبدالحميد، ميمي الشربيني، رفعت الفناجيلي “قائد الفريق”، طه إسماعيل .. وبعدها توقف النشاط الرياضي في مصر بسبب حرب ونكسة يونيو، وتواري أسم لمعي عبدالسميع مع نجوم كثر انطفئ بريقها في هذا الوقت.
طالع أيضا ..
♦ علي خليل .. فارس الأخلاق الزملكاوية
♠ سمير الزيني .. المشجع المحلاوي الذي حظي بمقابلة السلطان قابوس
• طوابع البريد .. تخلد ذكرى الأحداث الرياضية
المصادر ..
مقال بين لمعي وجدو .. منتديات كورة
مقال أشهر قصص خطف النجوم بين القطبين
لمعي عبدالسميع ابن قرية ميت مزاح