“كتاكيت” الزمالك يهزمون “عتاقى” الاهلى
لم تكن المباراة التى جرت احداثها عام 1985 بين الاهلى والزمالك عندما تغلب ناشئين القلعة الحمراء على عتاولة الفارس الابيض بثلاثة اهداف مقابل هدفين، خرج على اثرها الزمالك من دور الثمانية لبطولة كاس مصر حدثا غريبا و فريدا، فقد سبق ان استطاع ابناء القبيلة البيضاء بفريق من الناشئين يقودهم حسين حجازى ان يتغلبوا على عملاقة القلعة الحمراء التتش والزبير وشعير، ويهزموهم بهددف نظيف على ارضهم، وبين جماهيرهم فى بطولة دورى منطقة القاهرة موسم 1929 / 1930 .
كتب / جمال عبدالحميد
في العدد 270 من مجلة المصورالصادر يوم الجمعه 13 ديسمبر سنه 1929 جاء عنوان فى صفحة الالعاب الرياضية يقول
اشبال المختلط يهزمون الاهلي
المختلط 1 الاهلي صفر
واما التفاصيل فجاءت على النحو التالى
شهدعشاق اللعبة في أرض الأهلي بالجزيرة يوم الجمعه 6 ديسمبرالجاري مباراة شيقة جاده بذل فيها الفريقين اقصى ما يمكن بذله من نشاط، ومجهود وتقاطر الجمهورمبكرا .. فامتلات به المقاعد ، وفي تمام الساعة الثالثة الا خمس دقائق نزل فريق الأهلي يعدو الى ارض الملعب فى لباسه الاحمر، فاذا هو مؤلف من خيرة لاعبيه الممتازين ، واكثرهم من اللاعبين الدوليين الذين مثلوا مصر في الالعاب الدولية غير مرة وهم :
عبدالحميد حمدى – كامل مسعود – احمد رفعت – يوسف الشريعي – رزق الله حنين – احمد سليمان – امين شعير- محمود مهران – ممدوح مختار صقر – مختارالتتش – جميل الزبير
وتبعهم فريق المختلط مؤلف من لاعبيه الناشئين الذين لا تذكر اسماء اكثرهم الا مقرونة بكلمة تلميذ ، وذلك لان معظمهم لا يزال يقطع مراحل حياته العلمية، ويمثل في الالعاب الرياضية فريق مدرسته التي ينتسب اليها واولئك هم :
محمد رستم – احمد سالم – محمود سالم – صبري – مختار فوزي -عبد الحليم حسان – محمد لطيف – مصطفى كامل طه – حسين حجازي – رمزي برسوم – لبيب محمود .
لطيف يسجل للمختلط
بدا اللعب بهجوم من الاهلي لم يدم طويلا اذ بدد شمله دفاع المختلط ، وتلقف الكرة هجومه، بتوزيعات سريعة مثمرة روعه دفاع الاهلي ثلاث دقائق كان في خلالها فريقا قويا متضامنا يعرف كيف يسيطرعلى الكرة، فلا تفلت منه او تطيش ثم تسلم الكرة محمد لطيف جناح المختلط الايمن فراوغ بها في خفه ولياقة، ودفع بها قوية مسدده فراحت مستقرة تحت الشبكة، فلا يقوى عبدالحميد حمدى على صدها .
كانت هذه الاصابة – الهدف – باعثه للقوة،والنشاط في نفوذ المختلطين فقد ظلوا يسيطرون على الملعب طوال الشوط الاول .. عندئذ تجلت العاب قلب دفاع المختلط مختار فوزي فظل الجمهور يهتف باسمه مختار فوزى ! مختار فوزى ! وكان هذا اللاعب الناشئ الرزين، قد اراد ان يبرهن على صحة ما ذهبنا اليه في كلمتنا السابقة من ان بين اللاعبين الناشئين من يستحق ان ينال شرف الانتخاب في المباريات الهامة، وكذلك شاء محمود لبيب جناح المختلط الأيسران يكون عند حسن ظننا به، فظل يراوغ بالكرة ويروغ هحوم الأهليين فنال هو الاخر اعجاب النظاره وهتافهم العالى.
ارتباك اهلوى
ثم كثرت اخطاء الأهليين واضطربت العابه بشكل لم يعهد من لاعبيهم الممتازين كجميل الزبير واحمد سليمان ومختار التتش، وغيرهم مما تمردت الكرة بين ارجلهم .. فلم تكن ترى منهم العابا طائشة، وتوزيعات عمياء لا تبصر مكان التسديد والاحكام .
أما حجازي العظيم كابتن فريق المختلط فقد كان عهدنا به لاعبا مديرا مسيطرا على الكرة مجيدا للتوزيعات المثمرة الخطرة، وحيال هذا الهجوم المتكررمن جانب فريق المختلط لم يجد دفاع الاهلي وسيلة يدفع بها عن هدفه – مرماه – غير ان يستعين بحارس مرماه، فظل يرجع له الكرة كما قسي عليه الهجوم وحمى وطيسه .
وعلى الرغم من ذلك المجهود الشاق الذي بدله دفاع الاهلي ظهر هجوم المختلط يروعه ويذهب بصوابه حتى كاد الجمهور يوقن بتحقيق بالاصابه الثانية – الهدف الثانى – ولولا يقظة حمدي وحسن بلائه في الدفاع عن حوزة هدفه – مرماه – لتوالت الاصابات – الاهداف – مرة ومرات وانتهى الشوط الاول عند هذه النتيجة ، وجمهور الأهليين واجم صامت لا أمل له فى النصر .
تفوق الاهليين ولكن ؟
بدا الشوط الثاني بحمية من فريق الاهلي، وانتظمت العابه واعاد اليه الامل في التعادل بعد صوابه، فشاهد الجمهور من الفريقين في بداية هذا الشوط العابا رائعة سريعا كان لها في نفسه اجمل الاسرا وابلغه .
لكن الأهليين عادوا الى اضرابهم، وارتكاب الاخطاء الكثيرة حتى اتعبوا صفارة الحكم محمد افندى السيد الذي كان في موقفه يقظا عادلا حريصا لا تخفى عليه في ساحه الملعب خافيه، واراد الاهليون ان يدافع عن سمعتهم الدولية، فأجمعوا كل عزيمتهم، وشدواعلى منازليهم والتهبت راس مختار الصغير – التتش – فصاح في زملائه صيحة مؤثرة،وهنا سيطر الأهلويون على الكرة فامطروا هدف – مرمى – المختلط، وابلا من الرميات الحارة المسددة حتى ظن الناس ان التعادل قاب قوسين منهم ، فكم من طلعة من طلعات مختارالتتش الحلزونية، وكم من رمية من رميات ممدوح مختار صقر، وجميل الزبير ضاعت امام هدف المختلط بفعل الحظ العنيد .
اصابة حجازى
ثم تاثرت احدى قدمي حسين حجازي ، فحمل الى خارج الملعب دقائق عدة حتى ظن الناس ان الاهلى منتهز هذه الفرصة، ومحقق الاصابة لامحالة.. لكن اشبال حجازي عرفوا كيف يصمدون امام جبابرة الاهلي، وعتاه ونزل حجازي الى الملعب بين التصفيق والهتاف، فلعب وهو ما زال متاثرا من قدمه .. فلم تغن العابه واشتد هجوم الاهليين، وخشى الجمهورعلى الساليمن من ( اللاخفنة ) التي تصيبها احيانا لكنهما زادا عن حوزتهما ، بقلب جرئ وهمة مستبسلة حتى دوت صفارة الحكم في ساحة الملعب بانتهاء اللعب.. فخرج فريق المختلط بزهوة الانتصار.
المباراة فى مذكرات محمد لطيف
وحكى النجم الكبير والمعلق الرياضي الشهير محمد لطيف في مذكراته بعنوان ( الكرة حياتي ) عن هذه المباراة الشهيرة التي استطاع شباب، وناشئين نادى الزمالك مزودين بخبرة لاعب واحد فقط هو النجم الكبير حسين حجازي ان يفوزوا على فطاحل النادي الاهلي الكبار بهدف نظيف سجله محمد لطيف الذى تحدث عن اللقاء قائلا:
لم تكن مباراتى الاولى مع فريق المختلط سهلة بل كانت صعبة، ومثيرة وصعوبتها لم تكن بسبب التنافس التقليدى بين الاهلى والزمالك او المختلط حينها لان الفريق كان يلعب بفريق اغلبه من الشباب امام نجوم الاهلى الكبار .. فقد كان حسين حجازي يقودنا بكل خبرته يتسلم الكرة ويصيح يافلان .. ليجد فلان هذه الكرة امامه متوضبه وجاهزة اربعة وعشرين قيراطا .. هجمه هنا وهجمة هناك .. مباراة ساخنة ولكن لا اهداف .
ومن لعبه هات وخذ بينى، وبين مصطفى كامل طه الذي لعبها بدوره الى الحاج لبيب ناحيه الشمال، واعتقد الجميع انه سيرفعها داخل منطقه الجزاء ، ولكنه لعبها ارضية زاحفة.. و يقلش مدافع الاهلي ومن بعده اكثر من لاعب حتى تصلني الكرة في اقصى اليمين .. اللحظه فاصلة ويجب ان يتم التفكيرعلى وجه السرعة .. فهي فرصه العمر .. نظرت الى حارس مرمى الاهلي عبد الحميد حمدي الذي يرتدي الكاسكيت فوق راسه ويقف بين الثلاث خشبات كانه الاسد .. ودون تفكير أتكلت على الله وضعت وجه قدمي في الكرة وانتظرت ماذا سيحدث .. ولم افق الا بعد ان تاكدت من صياح الجمهور في المدرجات.. فعرفت ان الكرة استقرت داخل المرمى والتف حولى زملائى يهنئونى بلا تشنج اوعصبية اوالنوم على الارض او ركوع وتشويح .. وفزنا بهذا الهدف الوحيد .
يا زمالك يا مدرسة.
و يتحدث الدكتور ياسر ايوب عن هذة المباراة الشهيرة فى كتبه ( مصر وكرة القدم – التاريخ الحقيقى .. اين وكيف بدات الحكاية ) قائلا:
( كانت بطولة منطقة القاهرة موسم 1929 / 1930 هى اول بطولة كروية يفوز بها نادى الزمالك بفريقه الجديد الذى بدا اعداده، وتكوينه نجم كرة القدم المصرية الكبير حسين حجازى من تلاميذ مدارس مصر المختلفة، وكانت فرحة وسعادة كبيرة لجماهير الزمالك او المختلط وقتها فوز الصغار باول بطولة رسمية لهم .. والدرع الثانى لدورى اندية القاهرة فى تاريخ الزمالك لكن الفرحة الاكبر كانت يوم حقق هؤلاء التلاميذ اول فوز لهم على النادى الاهلى بكل نجومه الكبار بهدف نظيف سجله التلميذ الصغير محمد لطيف، والذى جعل جمهور الاهلى يخرج حزينا ثائرا على فريقه الذى خسر من فريق المدرسة .. وخرج حمهور المختلط سعيدا ومبتهجا بفريق المدرسة الذى فاز على الاهلى )
ويضيف ايوب ( وكانت اول مرة يرنبط فيها اسم الزمالك بلقب المدرسة وهنا او هكذا ولد الهتاف التقليدى الجميل لنادى الزمالك وحماهير نادى الزمالك .. يا زمالك يا مدرسة .. وبقى هذا هو الهتاف الرسمى، والشعبى لنادى الزمالك الى ما بعد قيام ثورة يوليو عام 1952، وما جرى بعدها من احداث ادت الى اضافة عبارة ( لعب وفن وهندسة) لهذا الهتاف القديم ( يا زمالك يا مدرسة) .
.