سجل مباريات منتخب مصر عام (1998)
الجزء الثالث .. بعملية قيصرية عبرنا الأفيال الإيفوارية
قصة وكواليس أصعب لقب لكأس الأمم الأفريقية في تاريخ الكرة المصرية
لحالة الإحباط واليأس التي كانت مسيطرة على الشارع الكروي قبلها كانت البطولة الأصعب .. ولكم الشكوك والعراقيل والانتقادات التي أحاطت ووجهت إلى الجميع كانت البطولة الأهم .. ولكثرة المتاعب والأزمات التي شهدتها كواليس رحلة التتويج كانت البطولة الأغلى .. كتبتها بالقلب لأنى عاصرت تفاصيلها كمشجع ومتابع عن قرب .. واخترت لها هذا العنوان أعلاه لأنه لقب جاء من رحم المعاناة .. لقب أصعب بطولة وكأس للأمم الإفريقية في تاريخ الكرة المصرية .. تابعونا على كورابيديا
طالع أيضا .. سجل مباريات منتخب مصر 1998
ربع النهائي .. بعملية قيصرية عبرنا الأفيال الإيفوارية ..
هي كانت بحق مباراة بكل تفاصيلها بمثابة العملية القيصرية .. وكانت تحتاج لمعالجة وتعامل من نوع خاص لعدة أسباب أبرزها وأهمها ، أنها جاءت بعد هزيمة أمام المنتخب المغربي زرعت نوع من أنواع اليأس والإحباط، بعد جرعة أمل وتفاؤل نتجت عن الانتصارين المتتاليين على موزمبيق وزامبيا في الجولتين الأولى والثانية من دور المجموعات ..
بالإضافة إلى أن العبور لنصف النهائي في آخر (5) دورات متتالية سواء من دور المجموعات أو دور ربع النهائي والذى تم استحداثه بداية من نسخة 1992 بعد زيادة عدد المنتخبات أصبح كالعقدة المستعصية ..
ناهيك عن صعوبة وقوة المنافس منتخب ساحل العاج أو كوت ديفوار حامل لقب أمم إفريقيا 1992 وثالث نسخة 1994 ، والذى تصدر مجموعته الثالثة في نسخة 98 على حساب منتخبات جنوب إفريقيا وأنجولا وناميبيا وأنهى الدور الأول وفى جعبته (10) أهداف دفعة واحدة تصدر بها قائمة المنتخبات الأكثر تسجيلا للأهداف بعد نهاية دور المجموعات ..
بالإضافة إلى امتلاكه كتيبة من النجوم معظمهم من المحترفين في الدوري الفرنسي، ويمتازون بالسرعات والقوى البدنية والجسمانية الرهيبة، على رأسهم هداف الفريق في البطولة وفى التصفيات المخضرم “جويل تيهي” مهاجم تولوز .. وأبرزهم إبراهيما باكايوكو” لاعب مونبلييه .. ولاسينا دياباتيه لاعب بوردو .. ومدافع مارسيليا كيرل دوموراد .. ومن خلفهم الحارس المخضرم آلان جوامينى زميل “تيهى” فى نادى تولوز .. بالإضافة إلى الموهوب العملاق أحمد أوتارا المحترف في سويسرا بنادي سيون .. بالإضافة لنجوم آخرون يقودهم جميعا المدرب الفرنسي المخضرم “روبرت نوازريه”
كل هذه الأمور فرضت على الجوهري وجهازه الفني سيناريوهات محددة لفرض إيقاع لعب معين على هذا المنتخب المدجج بالأسلحة الهجومية، والحد من خطورة نجومه الطامحين بالعودة بالكأس إلى ساحل العاج والتي وعلى سبيل المعلومة تحدها أو تقع على حدودها الشمالية بشكل مباشر دولة بوركينا فاسو، وهو ما انعكس على الحضور الجماهيري الملاحظ في ملعب مونيسبال بواجادوجو لمؤزرة المنتخب الإيفواري نظرا لقرب المسافة الشديد بين البلدين ..
وهو ما كان من شأنه زيادة الضغوط على لاعبي منتخب مصر ومن قبلهم الجنرال الجوهري الذى قرر الدخول لتلك المباراة المصيرية وهو أخذا بمبدأ الحيطة والحذر من أجل استدراج الفيل الإيفواري لمستنقع الهزيمة ..
21/02/1998 | مصر (0-0) كوت ديفوار
تشكيل منتخب مصر ..
- نادر السيد (حراسة المرمى)
- ياسر رضوان
- سمير كمونة
- سامى الشيشيني ↔️ أسامة نبيه
- عبد الظاهر السقا
- محمد عمارة ↔️ طارق مصطفى
- أحمد حسن
- هاني رمزي
- عبد الستار صبري ↔️ ياسر ريان
- حازم إمام
- حسام حسن
الوصف التفصيلي لمباراة منتخب مصر وكوت ديفوار 1998 ..
مع إطلاق الحكم الجنوب إفريقي “جون ماكلويد” صافرته معلنا عن بداية تلك الموقعة الصعبة .. بدا جليا وواضحا منذ بداية المباراة نية الجوهري لفرض إيقاعه ورتمه على مجريات الأمور في المباراة وتحجيم أي خطورة للمنتخب الإيفواري .. فلجأ إلى دفاع المنطقة وفضل عدم الدخول في أي مغامرات هجومية غير محسوبة خشية دفع ثمنها في وقت يصعب فيه التعويض ..
ولم يكن خفيا أيضا على المتابعين أن منتخب كوت ديفوار هو الآخر دخل المباراة بحرص وحذر شديدين ، واضعا في ذهنه ما قدمه نجوم الفراعنة من مستوى فنى راقي في دور المجموعات وخاصة في مباراتي موزمبيق وزامبيا .. فجاءت محصلة الشوط الأول سلبية في كل النواحي وإن كان لم يخلو من بعض المحاولات الفردية من الجانبين لم تسفر عن أي شيء يذكر ..
فدائية الشيشيني وتغير اضطراري مبكر ..
بدأ الشوط الثاني باستحواذ وسيطرة حذرة نوعا للمنتخب الإيفواري استطاع من خلالها الوصول لمرمى نادر السيد بل وتهديده في بعض الكرات ، وكان واضحا مع مرور الوقت أن العامل البدني والسرعات ستصب في مصلحة الأفيال ، وهو الأمر الذى فرض على الثنائي حسام حسن وحازم العودة إلى الخلف من أجل المساندة الدفاعية وعمل نوع من الكثافة العددية أمام مرمى نادر السيد ..
وهو الأمر الذى تعامل معه لاعبو المنتخب الإيفواري بنوع من أنواع الخشونة المفرطة كان ضحيتها سامى الشيشيني والذى تعرض لدهس من ويليم جاكسون أحد الدبابات البشرية في صفوف الأفيال، وهو ما أدى إلى إصابة الشيشيني بجرح قطعي في الأنف خرج على إثره لتلقى الإسعافات الأولية من الجهاز الطبي ..
ورغم قوة الإصابة إلا أن الشيشيني كان مصرا على استكمال المباراة وبالفعل هم للدخول إلى الملعب مرة أخرى، لكن الدانماركي “كيم ميلتون” والذى كان حكما رابعا في المباراة كان له رأى آخر بعدما اكتشف أن أنفه مازالت تنزف ..
فقرر إعادته مرة أخرى وعدم السماح له بالاشتراك في المباراة ، وهنا قرر الجوهري إجراء تغيير اضطراري كان هو الأول للمنتخب ، حيث قام بإشراك أسامة نبيه بدلا من الشيشيني الذى أجرى له دكتور أحمد ماجد جراحة سريعة استخدم فيها الغرز من أجل إغلاق الجرح .. ليخسر المنتخب في الدقيقة 65′ تغيير بدا مبكرا في مباراة كانت كل تفاصيلها تشير أنها لن تنتهي في الوقت الأصلي ..
قذيفة كمونة كادت ان تحسم الصعود ..
بعد خروج سامى الشيشيني للإصابة ونزول بدلا منه أسامة نبيه لم تتغير الأمور على أرض الملعب كثيرا واستمرت مواجهات الأفكار خارج الخطوط بين الجوهري والفرنسي روبرت نوازريه على أمل اقتناص هدف يريح الأعصاب ..
إلا أن جاءت لحظة ولقطة كانت بمثابة منعرج و مؤشر لما ستتجه إليه الأمور لاحقا في المباراة ، وذلك بعد أن تصدت عارضة “الان جوامينى” قبل النهاية بـ15 دقيقة تقريبا لقذيفة مدوية من ضربة حرة مباشرة تصدى لها “سمير كمونة” أحد مدفعجيه الكرة المصرية في التسعينات من على بعد 40 ياردة ..
وبالفعل كانت هذه الفرصة والتي تعد الأخطر في المباراة إيذانا بأنها لن تنتهي بسهولة ، وأنها ستكون كالعملية القيصرية ، خاصة بعد الضغط الإيفواري المكثف والرهيب بعدها ، والذى قابله ستار دفاعي حديدي من نجوم منتخبنا والذى بدا واضحا أنهم لن يستطيعوا مجاراة قوة وسرعات لاعبي منتخب ساحل العاج على الأقل في الناحية الهجومية والتي تأثرت كثيرا بابتعاد حسن حسن هداف البطولة عن حيويته المعتادة وذلك لتعرضه لأنفلونزا حادة قبل المباراة أدت أدت إلى ارتفاع درجة حرارة جسمه إلى 40 مئوية ..
خطة الاستدراج من الجنرال الجوهري ..
مع اتضاح الرؤية .. قام محمود الجوهري من أجل السيطرة والإحكام على مجريات الأمور في المباراة بإعطاء تعليماته للاعبين بعدم إعطاء أي مساحات للاعبي كوت ديفوار .. وإغلاق كل المنافذ والثغرات المؤدية إلى مرمى نادر السيد ..
ووضح جليا أن الجوهري كان يرغب في استدراج المنتخب الإيفواري إلى ركلات المعاناة الترجيحية وذلك لصعوبة مجاراتهم في مباراة كانت كل الأجواء المحيطة بها غاية في الصعوبة .. وبالفعل في الدقيقة 91 قام بسحب عبد الستار صبري وإشراك ياسر ريان بدلا منه مع إعطائه تعليمات صارمة بعدم التقدم الانخراط في المساندة الدفاعية مع زملائه
وبالفعل نجح المنتخب في التحكم في رتم المباراة بفضل الروح القتالية والتي تحلى بها اللاعبون وزادت ووضحت في الوقت الإضافي ، والتي أجرى الجوهري قبل نهايته بدقيقة التغيير الأخير بسحب محمد عمارة وإشراك طارق مصطفى من أجل ركلات الترجيح ، والتي وصل إليها المنتخبان بالفعل بعد إطلاق “ماكلويد” صافرته معلنا انتهاء المباراة العصيبة بالتعادل السلبي والدخول في مرحلة أخرى وأخيرة حملت ضغطا نفسيا وعصبيا لكل من عايشها من الجهاز الفني ولاعبين وشاهدها عبر الشاشات جماهير تقدر بالملايين ..
ملحمة ركلات الترجيح بين منتخب مصر وكوت ديفوار ..
كانت مرحلة ركلات الترجيح هي الأصعب بالطبع في تلك اللية العصيبة فلا قدر الله في حال التعثر كانت ستكون صدمة كبيرة للجميع وبمثابة ترسيخ لعقدة استمرت منذ دورة 1988 .. لذا كان اختيار الجوهري دقيق جدا للخماسي الذين تصدوا لركلات الترجيح وهم “هاني رمزي” و ياسر رضوان” و سمير كمونة” و “طارق مصطفى” وحازم إمام ووضح ذلك في تدريبات ما قبل المباراة ..
بالإضافة إلى وجود نادر السيد المتخصص في صد ركلات الترجيح والذى أضفى نوع من الطمأنينة .. وهو من سبق له التألق والتسبب في تتويج الزمالك ببطولتي إفريقيا للأندية أبطال الدوري 1993 ، 1996 بالإضافة لكأس السوبر الإفريقي عام 1997 عن طريق تصديه لركلات ترجيح مؤثرة في كل هذه المناسبات .. لذا مع كل هذه العناصر التي بدت متكاملة لم يتبقى سوى توفيق الله عز وجل وهو الأول والأخير بكل تأكيد ثم دعوات الملايين من المصريين ..
وبالفعل مع بداية وتوالى ركلات الترجيح وتسجيل كلا من المنتخبين لأول ركلتين .. عن طريق دوموراد و جويل لمنتخب كوت ديفوار و هاني رمزي و ياسر رضوان للمنتخب المصري ..
استطاع المتخصص نادر السيد من التصدي ببراعة للركلة الثالثة من أقدام ابراهيما ديوماندى” لتنفجر بعدها صيحات الفرح لكل ما هو مصري بعد أن فتحت تلك الركلة المفصلية جزء كبير من طريق تحقيق أمل كبير لم تشهده الكرة المصرية منذ 12 عام ..
أمل اقترب أكثر بتسجيل سمير كمونة ببراعة للركلة الثالثة للمنتخب ليعلن عن تقدم المنتخب وأخذه لزمام المبادرة ..وبالفعل لم يتوانى لاعبو المنتخب في التفريط في تلك الفرصة الذهبية .. ومع تسجيل باكايوكو لركلة كوت ديفوار الثالثة الناجحة والرابعة في الترتيب واصل طارق مصطفى تكملة ما بدأه زملائه وسجل الركلة الرابعة الناجحة .. تقدم أوتارا بعدها وسجل ركلة الأفيال الرابعة الناجحة والخامسة في الترتيب …
“حازم محمد يحي الحرية إمام” يحسمها 👌
وجاءت بعدها لحظة الحسم عن طريق الموهوب حازم إمام .. لحظة احتبست فيها كل أنفاس الشعب المصري وهم يراقبون خطوات حازم وهى متجهة بحزم اتجاه الكرة لتسديد الركلة الأهم في تاريخ الكرة المصرية في تلك الحقبة والليلة العصيبة ..
وبتوفيق الله سبحانه وتعالى ودعوات الملايين من المصريين الصالحين .. نجح حازم بكل شجاعة في تسجيل ركلة العبور والخروج من نفق مظلم ظللنا عالقين فيه لمدة 12 عام إلى نور الأمجاد والبطولات ، لتنطلق بعد الاحتفالات في عموم البلاد بعد أن أثبت نجوم منتخب مصر بقيادة الجنرال الجوهري وجهازه الفني أنهم على قدر المسؤولية وحلوا عقدة الوصول إلى نصف النهائي ،
بعد أن عبروا واحد من أصعب وأقوى منتخبات البطولة بعد مباراة دراماتيكية وكل تفاصيلها الدقيقة كانت بمثابة العملية القيصرية بعد أن تم حسمها بركلات ترجيح ملحمية..
الجوهري والانتصار الأول بعد الـ60 ..
من الكواليس التي لا يعرفها الكثيرون أن عيد ميلاد كابتن محمود الجوهري الـ60 قد تصادف موعده قبل المباراة بيوم واحد فقط
.. ونظرا لأهمية الحدث رفض الجوهري محاولات لاعبو المنتخب والجهاز الفني للاحتفال بعيد ميلاده وفضل تأجيله إلى ما بعد موقعة ربع النهائي أمام ساحل العاج .. ليصبح بعدها العيد عيدين بعد الانتصار الثمين والعبور إلى المربع الذهبي ، ليشهد اليوم الأول للجنرال محمود الجوهري بعد الستين ذكرى لم تمحى من ذاكرته ومن ذاكرة المصريين ..
طالع أيضا علي كورابيديا
منتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية – بوركينا فاسو 98