محمود مختار رفاعي او كما نعرفه باسم ” مختار التتش ” اسطورة اهلاوية كبيرة مازلت في الاذهان حتي يومنا هذا رغم من ان لم يراه معظمنا وهو لاعباً.. لكن اسمه كان ومازال ضمن الأشهر في تاريخنا الكروي والإداري.. وياخذكم موقع كورابيديا في رحلة مليئة بالإنجازات والمواقف العظيمة في تاريخ مختار التتش.

البداية.. ابن السيدة زينب يلفت الأنظار منذ المرحلة الابتدائية.

ولد محمود مختار رفاعي “مختار التتش” في 29 سبتمبر 1905بالإسكندرية. وهو الابن الثاني للدكتور الشهير “محمد رفاعي حكيم”.

ولعب لمدرسة محمد علي الابتدائية ثم أنتقل إلى مدرسة السعيدية و لم يهزم فريقها أبدًا طوال السنوات التى قضاها بها .. وبعد أن أنهى دراسته الثانوية ألتحق بكلية الحقوق وحصل على البكالوريا.

بدايته مع الكرة ومعارضته والده له

شارك مع فريق مدرسة محمد على الأبتدائية وكان أصغر لاعبيها جسما وسنا ولكنه كان أكثرهم مهارة.

وكان والده في البداية معارضاً له في لعب كرة القدم ودفعه عنها بشدة وصادر منه الكرة والملابس.. معتقداُ في ذلك الوقت ان الدراسة والتعليم اهم بكير من لعب الكرة حيث لا يوجد لها مستقبل.

فيما كان مدير المدرسة مهتما بالرياضة وبكرة القدم بصفة خاصة..فلم علم بمعارضة والده انتهز فرصة مباراة مهمة ودعاه لمشاهدتها، وهنا رأى والده مهارات وأهداف وهتافات المدرسة له بالاسم بعد كل هدف يسجله.. ومن ثم استلام الكأس ومنذ حينها ووالده يشجعه وصار خبيرا في كرة القدم.

التتش الصغير..من التألق مع السيعدية وقيادة منتخب الثانوية.

بعد إتمام المرحلة الابتدائية التحق بمدرسة السعيدية الشهيرة.. وهناك اكمل مشوارة مع الكرة بجانب الدراسة وكان بالفريق الثاني لصغر سنه.

فكانت المدرسة تضطر لاستبعاد أحد لاعبي الفريق الأول ليحل محله، ثم تتحايل لضمه لفريق الثاني ولم يدرج ضمن الفريق الأول عام 1924، وبقي علي هذا الحال حتي اصبح قائد فريق الكرة.

ولعب مع منتخب ثانوي ومن ثم مع منتخب كلية حقوق حتى تخرج عام 1934.وعُرف من اصدقاءه والمشجعين باسم “مختار الصغير” وقتها بسبب وجود نجم الفريق الأول “أحمد مختار” الذى كان لاعباُ للنادي الأهلي وكان اكبر سنن منه.

الانضمام الي النادي الأهلي.. والتسجيل في اول مبارياته.

اكتشفه “محمود مرعى” وضمه الي النادي الأهلي ولعب في ناشي الفريق حتي صعد إلى الفريق الأول في العام 1922، وهو كان وقتها ابن السابعة عشر عام.. وأطلق عليه في بدايته “حودة مصر” في إشارة للاعب السكندري المشهور “محمود حودة”.

ولعب أولى مبارياته مع المارد الأحمر مع فريق الطيران الأنجليزى في الكأس السلطانية وفاز فيها الأهلى بهدفين مقابل هدف أحرز التتش فيها هدف الفوز.

طالع ايضا: تاريخ كأس مصر | البطولة الأولي | الزمالك البطل (1922)

سبب تسميته بـ التتش

يرجع لقب محمود مختار بـ التتش إلى اللورد لويد المندوب السامى البريطاني في مصر في ذلك التوقيت، ومعني كلمة “التتش” هي تطلق على لاعب السيرك “البهلوان” الصغير الحجم السريع الخطي الذي يبهر الجماهير بحركاته وقفزاته ومرونته.

كان اللورد لويد لاعب كرة قدم سابق وبسبب حبه للكرة كان يحرص على متابعة مباريات الكرة التي كنت تلعب في مصر.

وعندما شاهد مختار يلعب أعجب به إعجابا شديدا حتى انه كان يخبر جلسائه بأن تحكم قدم التتش بالكرة أفضل من تحكم يدى اللورد بالبرتقالة، وكان كلما يقابله ينادي عليه “هالو تتش” لدرجة أن زملاءه اعتادوا مناداته بنفس اللقب وبات معروفا بمختار التتش.

إنجازات التتش مع المنتخب المصري

شارك التتش مع المنتخب الوطني علي مدار عشر سنوات ارك بها في أولمبياد باريس 1924 لكنه لم يشارك.. ثم أمسترادم 1928 و برلين 1936 وكذلك لعب كأس العالم 1930.

أولمبياد باريس.. وتدخل رئيس الوزراء لسفره

في وقت إقامة الدورة الاوليمبية بباريس كان يتعارض مع موعد إمتحان شهادة الكفاءة في مصر فكان على مختار إما التضحية بالشهادة أو بالسفر مع منتخب مصر.

واختار مختار التتش السفر مع الفريق ولكن والده رفض خوفا على مستقبله ووصل الأمر إلى رئيس مجلس الوزراء الزعيم سعد زغلول.. الذي أصدر قرارا بمشاركة مختار التتش مع الفريق على أن يتم إرسال أوراق الإمتحان إلى المفوضية المصرية لكى يؤدى الإمتحان هناك.

التألق والعالمية في دورة أمستردام 1928

قاد مصر للفوز على البرتغال 2-1 بتسجيله الهدف وعلي حسين الهدف الثاني.. في ربع نهائي البطولة.. بينما نجح في الدور الأول بتسجيل هاتريك امام تركيا في المباراة التي حسمها المنتخب المصري بفوز كبير بنتيجة 7-1..

وقد أشادت به صحف أوروبا وأجمعت على أنه أحسن ساعد أيسر في العالم.. وبالفعل قد اختير التتش ضمن الفريق المثالي لأولمبياد أمستردام.. وتم أختياره ضمن منتخب العالم الذي لعب بعد الدورة مع منتخب أوروبا.

كما شارك في دورة الألعاب الأوليمبية ببرلين عام 1936، وأختير ضمن أحسن 12 لاعبا في العالم.

كأس العالم 1930

لعب منتخب مصر في التصفيات مع منتخب فلسطين ونجح مختار التتش في تسجل هاتريك في الفوز على منتخب فلسطين الذي انتهي بنتيجة 7-1، قبل أن يكرر المنتخب المصري الفوز إيابا 4-1.

وضمة الاسكتلندي جيمس ماكري كان المدير الفني لمنتخب مصر في ذلك الوقت الي بعثة الفريق الذي شاركت في البطولة العالمية.. لكنه لم يسحل في البطولة.

موقف التتش بعد إيقافه بعد السفر الي قلسطين

سافر فريق النادي الأهلي عام 1943 إلى فلسطين تلبية لدعوة الأندية الفلسطينية لتعزيز موقفها في مواجهة التوغل الصهيوني في ذلك الوقت..

رفض اتحاد الكرة الذي كان يترأسه محمد حيدر باشا بأمر من الملك فاروق،والمندوب السامي البريطاني.. سفر بعثة الأهلي إلى فلسطين.

إلا أن مختار التتش جمع فريق الأهلي وسافر ليلبى دعوة بالمخالفة لقرار اتحاد الكرة الأمر الذي ترتب عليه شطب فريق الأهلي كله، و حرمانه من المشاركة في اي نشاط المحلى.

الرحلة الي فلسطين

وكان فد صادر حيدر باشا جوزات سفر الاعبين لمنعهم من السفر ولمن قام التتش بمساعدة فؤاد سراج الدين وزير الداخلية الذي أستخرج لهم جوزات سفر جديدة.. والنحاس باشا وافق لهم علي السفر بدون موافقة إتحاد الكورة تحت إسم شباب القاهرة.

وسافر الفريق وكان السفر بالبر عن طريق القطار من بور فؤاد حتي العريش ثم رفح وغزة حتي داخل الأراضي الفلسطينية في حيفا ويافا ونابلس والقدس الشريفة.

وكان المفروض أن يلعب الأهلي مبارتين خلال7 أيام ويعود للإستعداد لنهائي كأس مصر مع المختلط والتي كانت بعد شهر واحد فقط .. ولكن إستقبال المجاهد الشهيد أمين الحسيني ورجال الثورة الفلسطينية للنادي الأهلي والتي كانت مستعرة منذ عام 1934..وكان يرفع لاعبي الأهلي علي الأعناق في كل موقع يذهبون إلية ولعبوا 5 مباريات وإستمرت رحلتهم 23 يوم.

رفض التتش الاعتذار الي حيدر باشا

وظل الأهلي محروما لمدة تقارب الـ10أشهر من النشاط ، حتى قرر اتحاد الكرة العفو عن لاعبيه شريطة أن يحضر لاعبو الأهلي إلى مقر اتحاد الكرة.. والتوقيع على اعتذار رسمي وبالفعل ذهب كل اللاعبين، تنفيذا لتعليمات محمد حسنين باشا رئيس النادي الأهلي آنذاك..

باستثناء لاعب واحد هو مختار التتش الذي أرسل برقية إلى رئيس اتحاد الكرة محمد حيدر باشا يقول فيها “لقد ذهبنا إلى فلسطين في مهمة وطنية، وهو موقف من العار الاعتذار عنه وبناء عليه فإنه لا يشرفني الانتماء لاتحاد كرة يترأسه أمثالك” ، وأصيب حيدر باشا بصدمة، فتم شطب مختار التتش.

فخرجت مظاهرة ضخمة شارك فيها جمهور الأهلي وكل لاعبي الأهلي إلي قصر عابدين تهتف ضد حيدر باشا والمللك والإنجليز فما كان من المللك إلا أن أمر برفع الإيقاف فورا.

نادية التتش.. ابي محب الشيكولاتة بشكل كبير

بحسب تصريحت ابنته للمصري اليوم:

واعتاد شراء كميات كبيرة من الخارج أثناء سفره، وكان يشعر بالسعادة عندما يخبره زملاؤه باستجلابها له من الخارج، وقد كانت أنواعها محدودة بمصر في ذلك الوقت.

أيضا عشق الفاصوليا مع الرز، وكانت أكلته المفضلة دائما، ولا يمكن نسيان اهتمامه بالملابس وشغفه باللبس الجديد.

واضافت عن اهتمامه بملابسه وشكله

كان له ترزي مخصوص من أشطر الموجودين بالقاهرة، وقد خصص والدي غرفة للملابس ولقد رأيته دائما أنيقا مهندما مشعا بجمال الروح والملبس..

وكان نظيفا لأبعد مدى يهتم بالنظافة الشخصية وتفاصيل المنزل، وأيضا حرص على تعليم أبنائه تلك الصفة، كما أحب السينما.. وقد ذهبنا كثيرا معه إلى السينما وكانت وقتها فسحة السينما شيء رائع جدا، وأيضا أحب توزيع النقود الجديدة.. فقد كان كريما جدا، وحرص على أن تكون بمحفظته فئات مختلفة النقود اللامعة، ويقوم بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في كل مكان.

التتش يودع الملاعب

قرر مختار التتش أعتزال كرة القدم وهو في أوج مجده عام 1940م، وحاول الكثيرين من الرياضيين والصحفيين والمشاهير إثناءه عن قراره ولكنه فضل أن تبقى ذكراه وهو في أفضل حالاته.

كتب الناقد الرياضي الكبيرمحمد شميس بعد اعتزاله: ” جناية مختار التيتش على مصر“

وتابع :

“صدمني نبأ اعتزال مختار الكرة صدمة عنيفة ، ومختار ما زال باعتراف الجميع نجم الملاعب قاطبة ، وما زال في عمره بقية شابة حارة تتزعم الميادين بجدارة ، وتضعها على مراجل الفكر ، بما عرف عن مختار من إخلاص وتفان وغيرة مستعرة واستعداد عظيم تفوق كلها حد المعقول ،وتندر أن تجتمع للاعب واحد . ولقد سمعت كثيرًا عن مختار من أفواه أكبر مدربي الكرة في أوروبا ورأيت الكثير المعجز مما يحتاج توضيحه إلى مجلد ضخم “.

بعضا مما نشرت الصحافة عن اعتزاله

” ياللى بتستفتا الاسبور مالك محتار – ازاي تدور على كابتن راح فين مختار “

“ في رأيي لو جعلوا الكابتن بالانتخابات – كان غيره ياخد صوت واحد .. وهوه ألوفات “

” بتوع الأوليمبيك شافوا لعبه قالوا دا الآس – لو كان في مصر ثلاثة زيه كان تاخد الكاس “

” يا تيتش أرفع رايتك وأعمل مجهود – يرعاك ويحميك المولى من كل حسود “

القاب حققها مختار التتش

الأهلي في الفترة بين 1924 وحتى 1940 وهي الفتة التي لعب فيها مع المارد الأحمر حيث توج ب 7 القاب لبطولة كأس مصر و7 بطولات لبطولة دوري منطقة القاهرة.. و7 القاب لبطولة كأس السلطان.

ويعتبر التتش أكثر اللاعبين مشاركة في تاريخ نهائي كأس مصر بواقع 11 نهائي ، و14 مباراة ؛ حيث أعيد نهائي 1924 و1925 و1926 بعد التعادل في أول مباراة.

مارس الهوكي.. واسس الاتحاد المصري للبلياردو

بعد أعتزال التتش مارس لعبة الهوكى كهواية وأشرف على كرة القدم بالنادي الأهلي، وتولى منصب سكرتير عام اللجنة الأوليمبية المصرية من عام 1956م وحتى عام 1959.

ساهم في تأسيس الاتحاد المصري للبلياردو، وبدأ نشاط الاتحاد المصري عام 1944 ولم تكن اللعبة تمارس بالنادي في ذلك الوقت، بعد بيع طاولات البلياردو في الثلاثينات، ومع ذلك تأسس الاتحاد بفضل جهود نجمي كرة القدم الكبيرين حسين حجازي والتتش وبطل رفع الأثقال بطل العالم السيد نصير، وكونوا اتحادًا رسميًا بلوائحه وقوانينه وأقاموا مباريات محلية و دولية.

مناصب ادارية تولها بعد الاعتزال

حيث عمل مدربًا لفريق الكرة بالنادي الأهلي ثم سكرتيرًا للعبة، ومراقبًا للألعاب في النادي

وعمل مستشار قانوني بالسكة الحديد ثم نائبًا في مجلس الدولة

تولى منصب المدير العام لرعاية الشباب بوزارة الشئون الاجتمـاعية، وسكرتيرًا للجنة الأوليمبية المصرية من عام 1956 إلي 1959،

عضو بلجنة التخطيط بالمجلس الأعلى لرعاية الشباب، ثم وكيل وزارة الشباب.

وأشرف طوال فترة عمله الإداري على سن ووضع القوانين التي تنظم النشاط الرياضي في الأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية.

وفي أكتوبر عام 1965 أحيل محمود مختار إلى المعاش، فمنحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام الرياضة من الدرجة الأولى اعترافا بفضله على الرياضة المصرية.

ختاما.. التتش يفارق الحياة بروحه وتبقي إنجازاته واخلاقه خالدة.

توفى مختار التتش في 21 فبراير عام 1965،بسبب ارتفاع مفاجئ في الضغط وتوفي عن عمر يناهز ال60 عاماً .. وقد سُمي ملعب النادي الأهلي بالجزيرة بملعب مختار التتش تكريماً لذكراه ودوره الكبير في رفع مستوى اللعبة في النادي الأهلي.

ظل مختار التتش وفيا لناديه إلى آخر لحظة في حياته، ففي يوم 21 ديسمبر 1965 كان يجلس في الصباح بين أصدقائه في الأهلي..

وفجأة شعر بإرهاق ، فتوجه فورًا إلى منزله، و بمنزله وافته المنية، مخلفاً تاريخاً مشرف طوال مسيرته الخالدة حتى يومنا هذا.

المصادر: