الأندية المصرية والسحر الأفريقي
على الرغم من التقدم التكنولوجي والعلمي الذي يشهده العالم، لا تزال بعض الفرق الأفريقية تعتمد على السحر والشعوذة كوسيلة للتأثير على نتائج مباريات كرة القدم. وقد واجهت الأندية المصرية العديد من هذه الممارسات خلال مشاركاتها في البطولات الأفريقية.
من أبرز هذه الوقائع ما تعرض له نادي بيراميدز خلال إحدى زياراته إلى تنزانيا، حيث أُفيد بأن الفريق واجه ممارسات تتعلق بممارسات السحر الأفريقي بهدف التأثير على أدائه.
على الرغم من هذه التحديات، حققت الأندية المصرية نجاحات ملحوظة في البطولات الأفريقية. فقد حصدت الفرق المصرية أكثر من 40 لقبًا قاريًا في مختلف المسابقات حتى عام 2024، مما يعكس تفوقها وسيطرتها على الساحة الكروية الأفريقية.
السحر الأفريقي .. بيراميدز وبودرة العفريت
في التراث المصري، تسود خرافة قديمة حول ما يُعرف بـ”بودرة العفريت”، وهي مادة يُعتقد أنها تُسبب الحكة والهرش عند ملامستها للجلد. تجسدت هذه الخرافة في واقعة تعرض لها فريق نادي بيراميدز المصري خلال مشاركته في بطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية.
عند وصول بعثة بيراميدز إلى استاد تنزانيا الوطني (بنجامين مكابا) لخوض مباراة الجولة الثانية من دور المجموعات أمام فريق نامونجو التنزاني، فوجئ اللاعبون والجهاز الفني بوجود مادة بيضاء غريبة على ملابسهم. تسببت هذه المادة في حكة جلدية شديدة، مما أثار استياء الجميع. ورغم الموقف المزعج، حاول اللاعبون التخفيف من حدة التوتر بتبادل النكات، مشيرين إلى أن ملابسهم قد رُشَّت بـ”بودرة العفريت”.
لمواجهة هذا الموقف، قامت البعثة بغسل الملابس المصابة بالمادة الغريبة، ونشرها تحت أشعة الشمس لتجفيفها وتطهيرها. تم إبلاغ مراقب المباراة بالحادثة، وبعد معاينته لغرفة تبديل الملابس والتأكد من وجود المادة البيضاء، قرر تخصيص غرفة أخرى للفريق المصري. كما سمح لفريق بيراميدز بتغيير الزي المتفق عليه من الأسود الكامل إلى مزيج من الأبيض والأسود، نظرًا لتلوث الزي الأساسي بالمادة المجهولة.
تُظهر هذه الواقعة استمرار بعض الممارسات التقليدية في كرة القدم الأفريقية، حيث يُعتقد أن استخدام مثل هذه المواد قد يؤثر على أداء الفرق المنافسة. ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي، لا تزال بعض الفرق تلجأ إلى هذه الأساليب لتحقيق ميزة نفسية أو بدنية على الخصوم.
من الجدير بالذكر أن “بودرة العفريت” ليست مجرد خرافة، بل هي نبات حقيقي يُعرف علميًا بـ”Lagunaria patersonii”. تحتوي كبسولات بذوره على شعيرات دقيقة تسبب تهيج الجلد عند ملامستها، مما قد يفسر ارتباطها بالخرافات الشعبية.
في النهاية، تقدم نادي بيراميدز بشكوى رسمية إلى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) ضد نادي نامونجو، مطالبًا بالتحقيق في الواقعة واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
لمزيد من التفاصيل حول هذه الواقعة، يمكن مشاهدة التقرير التالي:
في واقعة طريفة، وبعد تسجيل رمضان صبحي هدفًا لصالح نادي بيراميدز، احتفل اللاعبون بطريقة ساخرة عبر تقليد حركات “الهرش”، في إشارة إلى الحادثة السابقة التي تعرضوا فيها لمادة غريبة على ملابسهم تسببت في حكة جلدية. هذا الاحتفال جاء كنوع من الرد الفكاهي على تلك الواقعة، التي يُعتقد أنها مرتبطة بممارسات السحر والشعوذة المنتشرة في بعض مناطق القارة الأفريقية، والتي عانت منها الأندية المصرية خلال مشاركاتها في البطولات الأفريقية.
للاطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا الاحتفال، يمكن مشاهدة الفيديو التالي:
الأهلي يتفوق على كوتوكو والسحر الأفريقي
يُعَدُّ نادي أشانتي كوتوكو من أبرز الأندية الأفريقية التي اشتهرت باستخدام السحر والشعوذة، حتى لُقِّب بـ”فريق السحرة والمشعوذين”. واجه كوتوكو العديد من الأندية المصرية، التي شهدت وقائع مرتبطة بالسحر الغاني.
في إياب نهائي بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 1982، التقى النادي الأهلي المصري مع أشانتي كوتوكو في العاصمة الغانية كوماسي. فوجئ لاعبو الأهلي بوجود سحرة ومشعوذين ينشرون دخان المباخر الكثيف ويرشون المياه في كل أرجاء الملعب. عند مرور بعض لاعبي الأهلي فوق المناطق المبتلة، تعالت صيحات جماهير كوتوكو بشكل هستيري.
تفاقم الموقف عندما نزل أحد سحرة كوتوكو إلى أرضية الملعب مرتديًا ملابس غريبة وحذاءً طويلًا، ووجهه مغطى بألوان متعددة. استُقبل الساحر بعاصفة من الهتافات والصيحات من الجماهير. قام الساحر بأداء طقوس وتعاويذ مستخدمًا عصا كان يحملها، ثم توجه إلى مرمى النادي الأهلي وحفر حفرة صغيرة وضع فيها شيئًا غريبًا، قيل إنه جزء من خنزير.
بدأت المباراة بهجوم مكثف من الفريق الغاني، مما أدى إلى ارتباك شديد في صفوف الأهلي، تُرجم إلى هدف أشعل حماس المدرجات. كان الفريق الغاني بحاجة إلى هدفين إضافيين لتحقيق التعادل، نظرًا لانتهاء مباراة الذهاب بفوز الأهلي بثلاثة أهداف نظيفة.
رغم الارتباك والخوف الذي سيطر على لاعبي الأهلي، والتمريرات المقطوعة والضغط المستمر، نجح الفريق في تنظيم صفوفه. استعاد اللاعبون الكبار الثقة في زملائهم، وتمكن محمود الخطيب من تسجيل هدف التعادل للأهلي، مما أثار ذهول الجميع في الملعب.
انتفض فريق كوتوكو وضغط بكثافة طوال المباراة، لكنهم لم يتمكنوا من ترجمة هذا الضغط إلى أهداف، بفضل بسالة دفاع الأهلي وحارس المرمى إكرامي. انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي 1-1، ليحقق الأهلي أول كأس أفريقية له من معقل أحد أقوى الفرق في القارة.
للاطلاع على تفاصيل أكثر حول هذه المباراة التاريخية، يمكن مشاهدة الفيديو التالي:
الهزيمة الساحقة للزمالك أمام كوتوكو .. بين السحر والواقع
في عام 1987، خلال مباراة إياب دور الثمانية لبطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري، واجه نادي الزمالك المصري فريق أشانتي كوتوكو الغاني في كوماسي. شهدت هذه المباراة أحداثًا غريبة أثارت جدلاً واسعًا حول استخدام السحر في الملاعب الأفريقية.
قبل انطلاق المباراة، تعرض لاعبو الزمالك لمواقف غير مألوفة؛ حيث امتلأت غرفة تبديل الملابس بدخان بخور كثيف مجهول المصدر. وعند دخولهم إلى أرضية الملعب، أُجبر اللاعبون على المرور فوق خنزير مذبوح، في طقوس يُعتقد أنها تهدف للتأثير النفسي على الفريق المنافس. بالإضافة إلى ذلك، قام أحد مسؤولي كوتوكو بمصافحة لاعبي الزمالك بمنديل أبيض، ثم لوّح به للجماهير، مما زاد من حماس وهتافات المشجعين.
في تلك المباراة، تكبّد الزمالك هزيمة ثقيلة بنتيجة 5-1، مما أدى إلى خروجه من البطولة. تحدث الكابتن عادل المأمور، حارس مرمى الزمالك في تلك المباراة، عن تلك التجربة قائلاً: “كان جميع اللاعبين في حالة توهان وشرود، ولا ندري ماذا يحدث في الملعب”. وأشار إلى مواقف غريبة، مثل تغيير اتجاه الكرة بشكل غير مبرر، مما أثار استغراب اللاعبين.
هذه الأحداث تعكس التحديات التي واجهتها الأندية المصرية عند مواجهتها لفرق أفريقية تعتمد على ممارسات تقليدية يُعتقد أنها تؤثر على أداء الخصم. ورغم التقدم العلمي، لا تزال بعض الفرق تلجأ إلى هذه الأساليب لتحقيق التفوق النفسي على منافسيها.
لمزيد من التفاصيل حول هذه المباراة التاريخية، يمكن مشاهدة الفيديو التالي:
تعاويذ كوتوكو: سكر ودقيق في مرمى الإسماعيلي
في عام 1969، خلال الدور نصف النهائي لبطولة الأندية الأفريقية أبطال الدوري، واجه النادي الإسماعيلي المصري فريق أشانتي كوتوكو الغاني في مباراة ذهاب أُقيمت في كوماسي. شهدت هذه المباراة أحداثًا غير تقليدية، حيث امتلأ ملعب المباراة بالسحرة والمشعوذين، مما أضفى جوًا من الغموض والتوتر على اللقاء.
بدأ الإسماعيلي المباراة بقوة، حيث سجل الهدف الأول في الدقيقة 28، مما أثار دهشة الجماهير المحلية والسحرة الحاضرين. وفي الشوط الثاني، عزز الدراويش تقدمهم بإحراز الهدف الثاني، مما زاد من حيرة الفريق الغاني ومشجعيه.
ردًا على ذلك، لجأ السحرة والمشعوذون إلى طقوسهم التقليدية، حيث وضعوا تعاويذ مكونة من قوالب السكر والدقيق في مرمى حارس الإسماعيلي، حسن مختار. حاول مختار إزالة هذه المواد من المرمى، لكن الحكم لم يسمح بذلك. بالفعل، تمكن فريق كوتوكو من تسجيل هدفين، لتنتهي المباراة بالتعادل 2-2.
هذه المباراة تُعد مثالًا على التحديات النفسية والثقافية التي واجهتها الأندية المصرية عند اللعب في بعض الدول الأفريقية، حيث تُستخدم الممارسات التقليدية للتأثير على أداء الفرق المنافسة.
الشوط الثاني: الإسماعيلي ومازيمبي – نهائي دوري أبطال أفريقيا 1969
ديك أبيض على خط التماس: حكاية غزل المحلة مع السحر الأفريقي
في عام 1974، شارك نادي غزل المحلة في بطولة الأندية الأفريقية أبطال الدوري، حيث واجه فريق أبالوهيا الكيني في دور الثمانية. في مباراة الذهاب التي أُقيمت في المحلة، حقق الفريق المصري فوزًا كبيرًا بثلاثة أهداف نظيفة، مما منحهم أفضلية مريحة قبل مباراة العودة في كينيا.
عند وصول غزل المحلة إلى كينيا لخوض مباراة الإياب، تفاجأ اللاعبون بأجواء مشحونة بالطقوس التقليدية التي يمارسها بعض المشجعين المحليين. قبل انطلاق المباراة، نزل مجموعة من الأفراد إلى أرض الملعب حاملين ديكًا أبيض، ووضعوه بجوار خط التماس. المثير في الأمر أن هذا الديك ظل ثابتًا في مكانه طوال التسعين دقيقة، رغم مرور الكرات القوية بجواره، مما أثار دهشة لاعبي غزل المحلة وشتت انتباههم.
ورغم هذه الأجواء الغريبة، تمكن غزل المحلة من تسجيل هدف مبكر عن طريق اللاعب عماشة، مما عزز من ثقتهم. لكن الفريق الكيني نجح في تعديل النتيجة في ظروف مريبة، لتنتهي المباراة بالتعادل 1-1. وبفضل نتيجة الذهاب، تأهل غزل المحلة إلى الدور نصف النهائي لملاقاة نادي سيمبا التنزاني.
هذه الواقعة تُبرز التحديات النفسية والثقافية التي واجهتها الأندية المصرية عند مشاركتها في البطولات الأفريقية، حيث استخدمت بعض الفرق طقوسًا تقليدية للتأثير على تركيز وأداء الفرق المنافسة.
لمزيد من التفاصيل حول مسيرة غزل المحلة في تلك البطولة، يمكن مشاهدة الحلقة التاسعة عشر من برنامج “غزل المحلة والوصول لنهائي أفريقيا للأندية 1974” عبر الرابط التالي:
الحلقة التاسعة عشر | غزل المحلة والوصول لنهائي أفريقيا للأندية 1974
القفاز التنزاني المسحور: مواجهة غزل المحلة وسيمبا
في عام 1974، خلال مباراة نصف نهائي بطولة الأندية الأفريقية أبطال الدوري، واجه نادي غزل المحلة فريق سيمبا التنزاني في لقاء اتسم بأجواء مشحونة بالسحر والشعوذة. في مباراة الذهاب بتنزانيا، انتشر السحرة في أرجاء الملعب حاملين الثعابين والقرود والدجاج، ووضعوها أمام لاعبي المحلة أثناء عزف السلام الوطني، مما أثار خوفهم وانتهت المباراة بفوز سيمبا بهدف دون رد.
في مباراة الإياب على استاد غزل المحلة، قرر الفريق المصري مواجهة السحر التنزاني بوسائل روحانية؛ فاستدعى أحد المقرئين لتلاوة القرآن في أركان الملعب، وشاركت الجماهير بتلاوة جماعية للقرآن لتفادي تأثير السحر.
خلال المباراة، شن غزل المحلة هجمات متتالية، لكن الكرات كانت تخرج عن المرمى بطرق غريبة، وتصدى الحارس التنزاني العملاق “مامبوساسا” للعديد من الكرات. لاحظ الجمهور وجود قفاز أسود مربوط بطريقة غريبة داخل مرمى الحارس، مما أثار الشكوك حول استخدام السحر.
فجأة، اقتحم مشجع محلاوي الملعب، وانتزع القفاز وألقاه نحو الجماهير. توقف اللعب لمدة سبع دقائق، حيث رفض لاعبو سيمبا استئناف المباراة حتى استعادوا القفاز. بعد استئناف اللعب، تمكن نجم المحلة “عماشة” من تسجيل هدف بتسديدة من حدود منطقة الجزاء، مما أشعل فرحة الجماهير.
انتهت المباراة بفوز غزل المحلة بهدف نظيف، ولجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح. أخفق لاعبو سيمبا في تسجيل أي من ركلاتهم الثلاث، بينما نجح لاعبو المحلة في تسجيل جميع ركلاتهم، ليتأهل الفريق المصري إلى النهائي وسط هتافات الجماهير وترديدهم “الله أكبر”.
الأندية المصرية والسحر الأفريقي: بين الواقع والأسطورة
تظل حكايات السحر والشعوذة جزءًا لا يتجزأ من تاريخ مواجهات الأندية المصرية في البطولات الأفريقية، حيث تتنوع القصص بين ما هو موثق وما يندرج تحت إطار الأساطير الشعبية. على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي، يبقى الاعتقاد بتأثير القوى الخارقة حاضرًا في أذهان العديد من اللاعبين والمشجعين على حد سواء. ومع ذلك، فإن النجاحات الكروية تعتمد في المقام الأول على المهارة، التدريب، والتخطيط الجيد. تبقى هذه القصص شاهدة على ثقافة غنية ومعتقدات متجذرة، تضيف نكهة خاصة لعالم كرة القدم في القارة السمراء.
طالع أيضا علي كورابيديا ..
- عقاب الألقاب .. بقلم جمال عبدالحميد
- محمود الخطيب .. الوجه الآخر
- قصة تميمة كأس الأمم الأفريقية
- حكاية أول مباراة في تاريخ الدوري المصري