علي خليل .. فارس الأخلاق الزملكاوية

علي خليل .. فارس الأخلاق الزملكاوية

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه … فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم … فأقم عليهم مأتماً وعويلا

أبيات شعر لأمير الشعراء أحمد شوقي .. خرجت جماهير كرة القدم في الإسماعيلية ولسان حالها يتغنى بهذه الأبيات، وذلك عقب إنتهاء مباراة دراويش الإسماعيلي أمام عتاولة الزمالك في الرابع من ديسمبر عام 1978، وهو اليوم الذي شهد واقعة شهيرة كان بطلها نجم القلعة البيضاء على خليل .. واقعة ظلت حديث الأوساط الرياضية لوقت طويل، وأستحق على اثرها الفارس الأمين جائزة الأخلاق الرياضية.

كتب جمال عبدالحميد

علي خليل .. أحد الأساطير الزملكاوية

هو أحد أساطير كرة القدم في نادي الزمالك .. التي تسببت في زيادة شعبية الفريق في فترة السبعينيات، فهو الهداف القدير الذي لا يشق له غبار، والمهاري البارع الذي يصعب السيطرة عليه من دفاعات الخصوم.

ولد علي خليل في نوفمبر من العام 1952 بمحافظة بني سويف التي بدأ مداعبه كرة القدم فيها متأثرا بموهبة والدة الذي كان لاعبا قديرا ومدربا لكرة القدم بفريق بني سويف و الجدير بالذكر أن شقيق الكابتن علي خليل الأصغر هو طارق خليل نجم هجوم النادي الأهلي في بداية التسعينيات.

أنضم علي خليل للزمالك في نهاية الستينيات من فريق بني سويف بعمر 15 عام، وظهرت موهبتة مبكرا حيث أحرز هدفين في أول مباراه له .. أنضم لمنتخب مصر وهو لاعبا في صفوف الشباب بأمر من مدرب المنتخب وقتها مستر كرامر بعدما رأى أدائة في إحدي تقسيمات المنتخب الذي كان يعسكر في نادي الزمالك، وذلك قبل تصعيدة ولعبة بالفريق الأول للزمالك موسم 71-1972.

سطع نجم علي خليل سريعًا منذ مشاركته ضمن صفوف الفريق الأول بالزمالك، بسبب موهبته التهديفية العالية، والتي جعلته سريعا معشوق الجماهير البيضاء في تلك الحقبة، متفوقًا على أسماء لامعة بالفريق مثل حسن شحاتة ومحمود سعد ومحمود الخواجة وفاروق جعفر الذي تم تصعيدة معه في نفس الموسم .

وحقق خليل خلال مشوارة الكروي مع نادي الزمالك .. بطولة الدوري العام موسم (77-1978)، وثلاث بطولات لكأس مصر (1975، 1977، 1979) .. وظل النجم علي خليل هو هداف الزمالك التاريخي في بطولة الدوري المصري برصيد (78 هدف) إلي أن كسر هذا الرقم العندليب عبدالحليم علي برصيد (80هدف)، وكذلك يعد نجمنا هو رابع هدافي الزمالك في كل البطولات برصيد (94 هدفا).

للنجم علي خليل هدف لاينسي في مرمي الاهلى في دورى 78-1979 عندما أحرز حمدى جمعه لاعب الاهلى هدفا من تمريرة للخطيب، وسنتر الزمالك سريعا، ويمرر حسن شحاتة الكرة للبارع على خليل الذي استدار دورة كامله، ويلعب الكرة قذيفة مدوية من داخل منطقة الجزاء في مرمى ثابت البطل حارس الأهلى أنذاك، محرزا أسرع هدف تعادل في مباريات القمة، وأجمل اهداف الموسم في ذلك الوقت.

شارك علي خليل مع منتخب مصر في العديد من بطولات كأس الأمم الأفريقية، وهو أحد هدافي مصر في بطولات كأس الأمم الأفريقية برصيد هدفين سجلهما في بطولة عام 1974.

الخلافات مع الإدارة والرحيل عن الزمالك 

بسبب الغيرة والحماسة الزائدة بين نجوم الزمالك، وحب الجماهير الزائد لنجمها المفضل علي خليل والذي وصل إلي حد مهاجمة نجوم الفريق حسن شحاتة وفاروق جعفر لظنها أنهم يتعمدون عدم التمرير له .. كان يتعرض النجم للعديد من المضايقات من إدارة الزمالك وعدم الإهتمام الكافي الذي يستحقة نجم بحجم موهبة علي خليل.

يروي النجم الخلوق أنة بدأ رحلتة مع الزمالك من السكن في المبيت أسفل مدرجات النادي حيث أنة كان من المغتربين .. وأن حبة لكرة القدم جعلة يتحمل قساوة الغربة وصعوبة البعد عن الأهل في ذلك السن الصغير ..

ويتذكر أنة لم يتحصل علي أي أموال من نادي الزمالك في أول سنوات إنضمامة كناشيء، وفي العالم التالي تحصل علي 5 جنيهات، ثم زاد المبلغ الي 12 جنية وزاد مرة أخري عند الإنضمام للمنتخب إلي 36 جنيها، وعند التصعيد إلي الفريق الأول والتألق صار خليل من لاعبي الفئة الأولي اللذين يتقاضون 60 جنيها شهريا.

وكان الراحل حلمي زامورا يضع نظاما قاسيا للمكافآت والأمتيازات المادية في الزمالك .. حيث أن المكافات في المباريات مرتبطة بمركز الفريق في بطولة الدوري وكذلك بمدي جودة الأداء في المباريات، فكان من الوارد تحقيق الفريق للفوز مع أداء سيء في المباراه فتحجب المكافأه ..

ويعتقد الكثير من لاعبي الزمالك أن جمال أداء الزمالك في هذا الوقت، وشعار يا زمالك يا مدرسة لعب وفن وهندسة .. كان بسبب التعود علي هذا النظام الموضوع من الكابتن حلمي زامورا.

وعندما وصل عمر نجمنا إلي 28 عاما تقدم بطلب إلي الكابتن حلمي بوضع شرطا في تعاقدة مع الزمالك بعدم ربط راتبة الشهري بلائحة خصومات الفريق حيث ان الراتب كل ما يملك لترتيبات حياتة المعيشية، وتطبيق اللائحة علي مكافأت المباريات فقط ..

ولكن الكابتن حلمي زامورا رفض طلبة متعللا بأن هذا نظام و يجب أن يسري علي كل لاعبي الفريق .. فهدد الكابتن علي خليل بالرحيل متعشما أنة نجم الفريق الأول ولن تستطيع الإدارة التخلي عنة .. إلا انة فوجيء برد حلمي زامورا المعروف بصرامتة الشديدة “أنة إذا اراد الرحيل فيمكنة الرحيل ولا مشكلة”.

فما كان من الكابتن علي خليل إلا أن قرر الرحيل عن النادي وقبول أول عرض يقدم له، والذي كان من إحدي المؤسسات في دولة الإمارات للعب في دوري الشركات عن طريق أحد لاعبي الكرة الطائرة في نادي الزمالك .. وبسبب تفريط الإدارة في الهداف القدير ثارت الجماهير الزملكاوية وأنقلبت علي مجلس الإدارة الذي تسبب في رحيل نجمها المفضل.

علي خليل الفارس النبيل في ملاعب كرة القدم

بعد فترة طويلة من عدم المشاركة فى المباريات بسبب الإصابة .. شارك علي خليل لأول مرة مع فريقه نادى الزمالك فى المباراة التى جمعته مع النادى الإسماعيلي على ستاد الإسماعيلية ضمن مباريات الأسبوع السابع لمسابقة الدورى العام موسم (78-1979).

كانت جماهير القلعة البيضاء تنظر إلي نجمها الفذ علي خليل نظره المنقذ، والذي سينتشل فريقها من هوة النتائج السلبية التي بدأ بها الموسم، وسيحقق لها الفوز بعد 4 تعادلات وهزيمة من المقاولون وفوز يتيم علي النادي المصري، وهي مجمل النتائج التي حققها الفريق في بطولة الدوري حتي موعد تلك المباراه.

نتائج موسم 78-1979 كاملة من موقع الدكتور طارق سعيد

وكان الزمالك مهزوما بهدف سجله فاكهه الكره المصرية “علي أبو جريشة” فى الدقيقه 32 من عمر الشوط الاول، وهو الشوط الذى تسيده الزمالك لعبا دون نتيجة ليشارك علي خليل بديلا لزميله “حمامه”، وتزداد هجمات الفارس الأبيض شراسة على مرمى الإسماعيلى بغية تحقيق التعادل.

ومن تمريرة حريرية لطارق غنيم تلقي علي خليل الكرة داخل منطقة جزاء الدراويش، ولف حول نفسه دورة كاملة، وسدد كرة قوية تصطدم بالقائم الحديدى الأيسر داخل مرمى الحارس “إبراهيم خليفة”، ليطلق الحكم الدولى “أحمد بلال” صافرته محتسبا الكرة هدفا بتأكيد من مساعده عبدالرؤوف المرشدى.

أعترض لاعبى النادى الإسماعيلى وجماهيره فى المدرجات على صحة الهدف، بحجة ان الكرة مزقت الشباك ودخلت من خارج المرمى، ليذهب حكم اللقاء “أحمد بلال” ليتاكد من سلامة شباك المرمى، ويطلق صفارته مرة ثانية مشيرا بصحة الهدف، ليواصل لاعبي فريق الإسماعيلى الأعتراض، وتتوقف المباراة أكثر من 5 دقائق شهدت نزول بعض الجماهير الإسمعلاوية الغاضبة إلي أرض الملعب.

وهنا توجه “على ابوجريشة” كابتن الدراويش، ومراقب المباراة “مصطفى رمزى” الذى نزل الى ارض الملعب محاولا أنقاذ الموقف، توجها إلي الحكم وأشارا عليه بسؤال ” على خليل ” عن مدى صحة الهدف من عدمه.

وقال أبوجريشة للحكم (أسأل على خليل لو قالك جول أحسبه لو قال مش جول متحسبوش) وذلك ثقة من نجم الإسماعيلي في مدي أمانة ومصداقية علي خليل زميلة في المنتخب القومي.

وبأخلاق الفرسان وبكل أمانة وروح رياضية عالية يؤكد النحم على خليل للحكم بان الكره ليست هدف، ليتم إلغاء الهدف، وتنتهى باقي أحداث المباراة بنفس نتيجة تقدم الإسماعيلي بهدف أبوجريشة، ويخسر الزمالك المباراه بهدف نظيف لصالح الإسماعيلي.

إلا أن نجم الكرة الزملكاوية .. الفلاح الأصيل أبن بنى سويف “على خليل” نال ثناء وإحترام الجميع بسبب اعترافه بعدم صحة الهدف .. حيث أنقذ الإسماعيلية من كارثة محققة، وأنهى أزمة من أكبر الأزمات التحكيمية التى تعرضت لها الكرة المصرية فى ذاك الوقت.

وتم منح فارس ميت عقبة النبيل كأس أفضل أخلاق رياضية، وأطلق عليه شيخ النقاد الرياضيين الأستاذ نجيب المستكاوى لقب “الأمين”، وحاز جائزة “البسالة الرياضية” من مؤسسة أخبار اليوم، وهي الجائزة التي أستحدثتها المؤسسة خصيصا بسبب هذه الواقعة.

لينتهي الموسم الذي شهد الواقعة (78-1979) بتتويج النجم علي خليل هدافا لبطولة الدوري الممتاز برصيد (12هدف) .. وذلك علي الرغم من غيابة عن مباريات عديدة بالدور الأول بسبب الإصابة .. وكأنها مكافأه السماء له علي نبل أخلاقة العاليه.

الجدير بالذكر أن حادثة مماثلة لنفس الواقعة حدثث مع النجم الراحل بدوى عبدالفتاح ففى موسم (62-1963) لمسابقة الدورى العام، وذلك أثناء مباراة الترسانة والسويس ..

حيث سدد نجم الشواكيش بدوى عبدالفتاح قذيفة مدوية لا تصد ولا ترد اخترقت شباك مرمى نادى السويس، ولكن الكرة دخلت من الخارج، فاحتسب حكم اللقاء احمد الخولى الكرة هدفا، ولكن الأخلاق العالية والسوك القويم للنجم بدوى عبدالفتاح جعله يعترف فى شجاعة كبيرة بان الكرة دخلت الشباك من الخارج فتم إلغاء الهدف.

من أقوال النجم الخلوق علي خليل

•• الكابتن محمود سعد كان أقرب لاعب لي في نادي الزمالك وزميل الدرب والكفاح .. والراحل طه بصري هو أكتر نجم زملكاوي محترم وكان صاحب أخلاق عالية وعمرة ما تسبب في مشكلة داخل الزمالك.

♦♦ حمادة إمام من اللاعبين أصاحب الفضل في الشعبية الكبيرة لنادي الزمالك، والجمهور كان يشبهني به، وكان يحبني جدا ودي نعمة كبيرة من ربنا، وعمري ما اختلف مع حسن شحاتة وفاروق جعفر وكان بينا منافسة كبيرة وكل واحد كان يريد يكون أفضل وكل ما يثار حول الخلافات بيننا غير صحيح.

•• كنت مصاب لفترة طويلة وتعافيت من الإصابة حديثا وتم وضع أسمي في سكور مباراة أسكو في الدوري العام، وعندما علم الجمهور الحاضر للمباراة بتواجدي علي دكة الاحتياط. . هاج بشدة لدرجة أخافت لاعبي أسكو أثناء دخولهم لملعب المباراة، ونزلت في هذه المباراة في الشوط الثاني والنتيجة (0-0) وكافئني الله بإحراز هدفي الفوز بالمباراة.

♦♦ في موسم المباراة الشهيرة والتي حدثت فيها مشكلة مباراة الإسماعيلي لم ألعب من بداية الدوري للإصابة وفي النصف الثاني للموسم فزت بلقب هداف الدوري والكأس وأحرزت (24 هدف) في نصف موسم فقط.

•• لم أتعمد إذاء أى لاعب طوال مسيرتي الكروية، ولا أحب التمثيل للحصول على ضربات جزاء، ولم أتعرض للطرد أبداا طوال مسيرتي، وحصيلتي من الكروت الصفراء “إنذارين” فقط طوال حياتي.

♦♦ الزمالك ظل يقيدني في القائمة المحلية لمدة 3 سنوات بعد رحيلي .. خوفا من انتقالي للنادي الأهلي.

•• هيديكوتي مدرب الأهلي الشهير طلبني بالأسم وقال لو لدي في الأهلي علي خليل .. لضمنت الفوز بكل البطولات كل عام.

♦♦ كنت أتحصل علي ما قيمته (1000 جنيه) طوال الموسم شامل الرواتب والمكافآت، وكان والدي يتكفل بمصروفاتي المعيشية حيث ما كنت أتقاضاه من الزمالك غير كافي لإلتزاماتي الشهرية، وبعد الإنتقال إلى الإمارات صرت ما أتقاضاه في شهر يوازي ما كنت أتقاضاه من الزمالك في عام كامل.

شاهد اللقاء كاملا لأسطورة نادي الزمالك .. الهداف الفذ “علي خليل”

شاهد أيضا من حكايات كورابيديا ..

♥ محمود الخطيب .. الوجة الآخر

♠ حكاية “الشيخ” أسامة حسني

♦ علي الحسني .. نجم كرة القدم وفتوة الناس الغلابة

♣ سمير الزيني .. المشجع المحلاوي الذي حظي بمقابلة السلطان قابوس

♥ محمود بدر الدين || أول معلق كروي .. صاحب فكرة إقامة الدوري المصري

♠ لمعي عبدالسميع .. نجم المنصورة الذي تنافس عليه الأهلي والزمالك