قصة مباراة في رمضان
آسيك ميموزا والأهلي
إياب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا (2006)
مباراة في رمضان .. بدت سهلة وكادت الرطوبة القاتلة تحولها إلى كارثة
- الزمان : 23 رمضان 1427 .. الموافق 15 أكتوبر 2006
- المكان : ملعب “فليكس هوافييه” بالعاصمة ابيدجان
- المناسبة : إياب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا نسخة 2006 بين آسيك ميموزا و الأهلى ..
متاعب ومطبات أصعب مباراة في رمضان
لم يكن أكثر المتشائمين يتخيل الذى حدث للأهلي في تلك المباراة .. فكل الأمور كانت مهيأة لتكملة مهمة التأهل للنهائي ولاسيما بعد الفوز بثنائية أبوتريكة ومتعب في مباراة الذهاب بالقاهرة ..
وبرغم المتاعب والمطبات الهوائية التي واجهت البعثة أثناء السفر إلى كوت ديفوار بطائرة خاصة لتخفيف مشقة الرحلة ومراعاة لظروف الصيام .. ومرورا بالرطوبة المرتفعة التي قابلتهم فور الوصول للعاصمة ابيدجان .. بالإضافة إلى سوء الخدمة في مقر الإقامة، برغم موقعه الرائع وسط الأدغال الإفريقية .. بجانب ساعات الصيام في ساحل العاج والتي كانت تمتد إلى قرب آذان العشاء بتوقيت القاهرة بالإضافة لنقص الأوكسجين بسبب المناخ الرطب في هذا التوقيت من العام تحديدا كما ذكرنا ..
إلا أن كل هذه الأمور كانت معتادة بل وكانت دائما ما تعطى الحافز للاعبين لحسم أي مباراة
ولاسيما وأنت تتحدث وقتها عن جيل مرعب لكل الفرق في القارة .. تحت قيادة الساحر العبقري مانويل جوزيه ..
شوط أول مثالي وتقدم بهدف الفهد الأنجولي
وحتى لا أطيل الحديث عن أجواء ما قبل المباراة .. دعنا ننتقل ليوم المباراة المرتقبة والتي بدأت تقريبا الساعة 3:30م بتوقيت ابيدجان وسط طقس رهيب من الحرارة والرطوبة و5:30م بتوقيت القاهرة بالتزامن مع انطلاق مدفع الإفطار في مصر وقتها ..
فلك أن تتخيل كم دعوات الصائمين التي حظي بها الأهلي في وقت فيه ملايين المصريين متجمعين على مائدة الإفطار .. والتي بكل أمانة كان لها مفعول السحر في عبور الأهلي لهذه الموقعة .. والتي خاضها جوزيه بطريقة هجومية على غير عادته في مباريات الأهلي خارج الديار .. فدفع بمثلث الرعب الهجومي .. تريكة .. متعب .. فلافيو من البداية .. ومن ورائهم إثنين ارتكاز .. محمد شوقي وحسام عاشور .. وفى حراسة المرمى سد الأهلي العالي وقتها عصام الحضري وامامه شادي محمد ليبرو وأمامه إثنين مساكين الصخرة وائل جمعة بالإضافة لمحمد صديق .. وفى الجهة اليمنى إسلام الشاطر واليسرى طارق السعيد ..
وعلى بركة الله وببركة دعاء الملايين من الصائمين والذين بدأوا تناول إفطارهم بالتزامن مع بدء المباراة .. دخل لاعبي الأهلي ملعب “فليكس هوافييه” الممتلئ عن آخره وكلهم تركيز وإصرار على حسم الأمور بشكل مبكر، وهذا ما كان واضحا من تشكيلة وتعليمات مانويل جوزيه ..
وبالفعل مع انطلاق صافرة حكم المباراة الجزائري “جمال حميدو” بدأ لاعبي المارد الأحمر في بسط سيطرتهم على المستطيل الأخضر بالطول والعرض دفاعا وهجوما وهو الأمر الذي أحدث ارتباك كبير في جميع خطوط الفريق الإيفواري “آسيك” .. وبدا الأكثر قوة وجدية بفضل أسلوب اللعب السلس من لمسة واحدة دون أي فلسفة ..
وفى ظل الإبداع والتألق لنجوم الفريق الأحمر .. جاءت الدقيقة 38 لتترجم تلك السيطرة إلى هدف عن طريق المتخصص في ضربات الرأس الفهد الأنجولي أمادوا فلافيو بعد تلقيه عرضيه لولبية من إسلام الشاطر طبت طبة واحدة على الأرض .. والطبة تانية كانت على رأسه ومنها لشباك الفريق الإيفواري مباشرة معلنة عن هدف الاطمئنان وضمان الصعود للنهائي للمرة الثانية على التوالي ..
ليطلق بعدها بدقائق “حميدو” صافرة نهاية الشوط الأول بتقدم المارد الأحمر لعبا ونتيجة بهدف دون رد .. واقترابه من التأهل .. لدرجة أن كابتن طاهر أبوزيد أحد أساطير نادى الأهلي السابقين ومحلل قنوات ART وقتها والتي كانت الناقل الحصري للمباراة ولبطولة دوري أبطال إفريقيا .. قالها نصا .. “بالفم المليان مبروك للأهلي الصعود للنهائي” .. بل توقع زيادة الغلة التهديفية في الشوط الثاني، وبكل أمانة هذا كان نفس الشعور الذى انتاب الملايين من الأهلاوية بعد أن قدم المارد الأحمر وجبة كروية دسمة لا تقل عن وجبة الإفطار التي تناولوها أثناء مشاهدتهم للشوط الأول ..
شوط ثاني كارثي وغير متوقع
ما كان متوقعا من النادي الأهلي جاء غير متوقع تماما في الشوط الثاني ..
فالمتوقع كان استمرار السيطرة الأهلاوية في ظل هدوء الأعصاب بعد هدف فلافيو في نهاية الشوط الأول والذى كان من المفترض أن يكون قد قضى على آمال آسيك إكلينيكيا .. حيث أنه كان مطالب بتسجيل 4 أهداف في 45 دقيقه وهو الأمر الذى جعل الأمور معقدة بل وشبه مستحيلة خاصا مع الأداء الرائع الذى أنهى به الأهلي الشوط الأول ..
ولكن مع بداية الشوط الثاني وضح تأثر لاعبي الأهلي الكبير بالمجهود الجبار الذى تم بذله في الشوط الأول .. وفى ظل حرارة ورطوبة قاتلة ونقص أكسجين يصعب معه الجهاز التنفسي في أداء مهامه بشكل منتظم ..
وهو ما استغله الفريق الإيفواري المعتاد على هذه الأجواء المناخية الصعبة .. والذى كان طامحا على الأقل في حفظ ماء الوجه ..
ومع التراجع البدني الرهيب والحصار الإيفواري للأهلي في نصف ملعبه أصبحت الأمور تنذر بالخطر خاصا إذا استطاع لاعبو اسيك من التسجيل في وقت مبكر .. ولاسيما أنه مع بداية الشوط الثاني قد أضاع فرصتين خطيرتين من أمام مرمى الحضري ..
وبالفعل حدث ما كان الجميع يخشاه .. ونجح الفريق الإيفواري في استغلال ارتباك الدفاع الأهلاوى المنهار بدنيا وتسجيل الهدف الأول بعد مرور 15 دقيقه فقط من بداية الشوط الثاني عن طريق مهاجمه الخطير “ياكونان” .. وكان هذا إيذانا بهجوم تتاري من الفريق الإيفواري وسط حماس جماهيري منقطع النظير وتراجع بدنى أهلاوى رهيب ..
وأصبح لاعبو الأهلي يسقطون في أرضية الملعب الواحد تلو الآخر .. فسقط محمد شوقي في الدقيقة 66، ومن بعده سقط إثنين من اللاعبين دفعة واحد طارق السعيد وإسلام الشاطر لدرجة أنهم خرجوا على نقالة خارج الملعب ليلعب الأهلي ب9 لاعبين لما لا يقل عن نصف دقيقه تقريبا قبل أن يعودا للملعب مرة أخرى .. وكان قبلهم قد خرج فلافيو بسبب الإجهاد ودخل مكانه محمد بركات العائد من الإصابة على أمل التعديل وإعادة السيطرة ولكن دون جدوى ..
ليطلب بعدها إسلام الشاطر والذى حرفيا انتهى بدنيا الخروج .. ليحل مكانه الغاني اكوتى منساه والذى كانت مهمته تأمين منتصف الملعب .. فيما عاد بركات للعب مكان الشاطر ..
ووسط حالة الطواري التي أصبح يعيشها الأهلي في تلك اللحظات تجنبا لأى هدف يدخل وفى ظل أجواء تشجيعية رهيبة من جماهير فريق اسيك والذين شعروا بأن هدف التقدم قد اقترب .. جاءت الدقيقة 70 حامله عن طريق نفس المهاجم الخطير ياكونان الهدف الثاني .. بعد استغلاله حالة عدم التركيز والتمركز التي انتابت كل خطوط الأهلي ..
أصعب مباراة في رمضان .. ودقائق الرعب والترقب
تدخل المباراة في منعطف خطير .. بعد أن زاد ضغط وحماس الفريق الإيفواري وانفتحت شهيته لتسجيل المزيد من الأهداف من أجل تحقيق ريمونتادا تاريخية ..
وبالفعل زاد الضغط على مرمى الحضري والذى كان له دور كبير في إنقاذ الفريق من كارثة حقيقية .. في ظل تراجع لا عبى الأهلي متأثرين بالرطوبة بجانب أجواء الصيام والتي بكل تأكيد كان لها تأثير كبير على من كان صائم من اللاعبين ..
لتمر الدقائق ثقيلة على ملايين الجماهير الأهلاوية أمام الشاشات داعين الله أن تمر الدقائق ليمر فريقهم من تلك الظروف الصعبة أو على الأقل لتسجيل هدف من أجل تخفيف الضغط المتواصل من جانب لاعبي آسيك ..
وهو بالفعل ما كان سيتحقق في الدقيقة 80 عندما سنحت لعماد متعب فرصة العمر عندما تلقى تمريرة سحرية من محمد أبو تريكة على منطقة جزاء الفريق الإيفواري .. رواغ المدافع وانفرد بالمرمى وبدلا من أن يسدد الكرة في الشباك أطاح بها في السماء ..
وقبل النهاية بثلاث دقائق دفع مانويل جوزيه بوائل رياض بدلا من أبو تريكة والذى بذل مجهودا خارقا ..
وفى ظل سيطرة الإيفواريين المستمرة والاستبسال والكفاح من لاعبي الأهلي حتى الثواني بقيادة الحضري والذى قدم مباراة العمر ..
أطلق “جمال حميدو” والذى أدار المباراة بكفاءة صافرته معلنا عن انتهاء أصعب مباراة في رمضان وواحد من أسوأ الأشواط في تاريخ النادي الأهلي .. ومعلنا أيضا عن تأهل المارد الأحمر لنهائي دوري أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي ..
ملخص الشوط الثاني لأصعب مباراة في رمضان للنادي الأهلي
طلب مرتجى وتهديد جوزيه ..
بالفعل كان هناك ردود فعل واسعة وحزينة وتصريحات متباينة بين كل المتابعين وقتها برغم من تحقيق الأهلي لهدفه وهو الوصول للنهائي ..
كان أهمها مطالبة خالد مرتجى رئيس البعثة الاتحاد الإفريقي بإقامة أي مباراة في رمضان ليلا وليس بالنهار أثناء الصيام ..
لكن التصريح الأبرز كان لمانويل جوزيه وهو ما قال فيه .. “أنه كان سيتقدم باستقالته على الفور في حال لو كان خرج من البطولة على يد آسيك بهذه الطريقة“.. مبديا في نفس الوقت حزنه الشديد على ظهور فريقه بهذا الشكل في الـ45 دقيقه من الشوط الثاني وموضحا بأن الفوز على اسيك على هذا الملعب وفى ظل هذه الأجواء كان سيكون له صدى مؤثر على منافس الأهلي في المباراة النهائية ..
وبالنظر لتصريحات جوزيه فإنها كانت نابعه بكل تأكيد عن حرصه على ظهور الفريق بأفضل صورة دائما وأبدا .. وهو بالفعل ما تم لاحقا واستطاع نجوم الأهلي من كتابة النهاية السعيدة بهدف أبو تريكة التاريخي في شباك الصفاقسي والتتويج بلقب تلك النسخة للمرة الثانية على التوالي
طالع أيضا علي كورابيديا
قصة مباراة في رمضان | الأهلي والزمالك 1985