حكاية أول مباراة
في تاريخ الدوري العام المصري
أول مباراة في تاريخ الدوري المصري انطلقت يوم الجمعة (22 أكتوبر 1948) في أول مواسم بطولة الدورى العام (48-1949) .. تلك البطولة المستحدثة علي كرة القدم المصرية حينها .. جاءت أول مباراة في الأسبوع الأول من المسابقة بمواجهة تاريخية بين الزمالك “فاروق” آنذاك مع النادي المصري البورسعيدي..
وهو اللقاء الذي أنتهى بفوز الفارس الأبيض بخمسة أهداف مقابل هدف واحد لأبناء بورسعيد، ورغم غياب مجموعة من نجوم القلعة البيضاء الكبار لكن ناشئي الزمالك لم يهابوا الموقف، وقادوا فريقهم لتحقيق أول فوز في تاريخ المسابقة، رغم لعبهم بطريقة الظهير الثالث والتي تعتبر خطة جديدة علي الكرة المصرية في ذلك الوقت..
لماذا لعب الزمالك بالناشئين ؟؟
عندما حل شهر أغسطس من عام 1948 كانت معظم الاندية المصرية تستعد لانطلاق أولى مسابقات الدوري المصري الممتاز فقام حيدر باشا رئيس نادي الزمالك – فاروق وقتها – بتكوين لجنة لكرة القدم تضم اسماعيل شاكر ومحمود بدرالدين وممدوح مختار ومحمد لطيف من اجل الاستعداد القوى للمنافسة على أول موسم من بطولة الدوري المصري الممتاز ولكن اعضاء اللجنة لم يظهر لهم اثر بالنادي بالرغم من اقتراب بدء الموسم ربما لانشغالهم بامورهم الشخصية الخاصة .. وربما لوجودهم بالمصايف ..وبالتالى لم يهتم اللاعبون بالانتظام في التدريب..
ومن تلقاء نفسه ودون تكليف من احد الا من حبه واخلاصه للنادي وبمباركة من حيدر باشا تولي الكابتن محمد حسن حلمى زامورا تدريبات اللاعبين والذى كان وقته موزع بين منزله وعمله بوزارة الزراعة ونادي الزمالك حيث كان يقضي وقته فيه كعضو بعد انتهاء عهده كلاعب في الفريق – كما يقول فى مذكراته المنشورة على صفحات مجلة الزمالك فى الثمانينيات – ولم يكن مواظبا على حضور تدريبات الفريق من الكبار سوى يحيى الحرية إمام وعبد الكريم صقر وسعيد العربى وعمر شندى ومعهم مجموعة من أشبال النادى الناشئون الذين لم يسمع عنهم أحد..
واصل زامورا مهمته التطوعية حتى دق ناقوس الخطر .. واقتراب موعد أول مباراة في الموسم الكروي الجديد أمام النادي المصري البورسعيدي الغني بنجومه الكبار في ذلك الوقت امثال حمدين الزامك والسيد الضظوى ولوكيتى وجودة وسعد ادرش وغيرهم
وعندما جاء يوم المباراة .. حضر محمد حسن حلمى الى النادي ظهرا ولم يدر بذهنه انه سيقوم باختيار الفريق الذى سيلعب اللقاء حيث فوجئ بممدوح مختار يسأله عن الفريق المرشح للعب استنادا الى إشرافه على التدريبات في فترة الإعداد ..
شتائم وفرح في أول مباراة في الدوري المصري !!
بعدما تأكد زامورا أنه سيكون الشخص المسؤول عن الفريق في أول مباراة بالموسم وستحمل عواقب نتيجتها ،أسرع بإعلان قائمة أسماء الفريق علي حسب قناعاتة ورؤيتة لمستوايات اللاعبين اللذين دربهم قبل بدء مباريات البطولة الجديدة .. وضمت قائمة اللاعبين
يحيى الحرية امام حارس مرمى وفكرى وهدان وسعيد العربى فى خط الباكات وهاف يمين محمود فضالى وهاف شمال عمر شندى وسنتر هاف احمد عبدالعزيز وفى خط الهجوم على عثمان ونج يمين وبجواره محمد أمين وفى الوسط عبدالكريم صقر و إنسايد شمال سعد رستم وونج شمال مصطفى نصر..
وما كاد الجمهور يرى اللاعبين ينزلون أرض الملعب حتى تعالت صرخاته وانهالت الشتائم على الفريق والمسؤل عن اختياره حيث لم تكن الجماهير تعرف من اللاعبين سوى الأربعة الكبار أما الباقون فلم يسبق ان شاهدوهم حيث غاب عن التشكيلة الاساسية نجوم الفريق الكبار حنفي بسطان، حافظ زقلط، يونس مرعي، محمد الجندي، فهمي جميعي، جلال قريطم.
لكن ما إن أطلق حكم مباراة الزمالك والمصري صافرة بداية المباراة التاريخية، فإذا بلاعبى الزمالك الشباب قد تحولوا الى نجوما كبارا ملأوا الملعب حيوية و نشاطا وحماسا – كما يحكى زاموا فى مذكراته – رغم أن فريق النادى المصري امتلك زمام المباراة خلال معظم فترات اللقاء لكن المستوى الضعيف الذي ظهر عليه مدافعى الفريق وحارس مرماه الايطالى الجنسية كارلو الذي لعب بدلا من الحارس الإيطالي المعتزل موسكاتي أدى الى النتيجة الثقيلة التي نالها العميد البورسعيدى حيث استطاع لاعبو الزمالك أن يدكوا حصون مرمى نادى المصرى بخماسية هلل لها جمهور الابيض كثيرا وطويلا حتى انه كاد ان يجن من فرط الفرحة ..
وقد احرز اهداف نادى الزمالك محمد أمين أول الأهداف وسعد رستم (هاتريك) وعبدالكريم صقر وسجل السيد الضظوى هدف المصري الوحيد ..
الظهير الثالث .. أول مباراة بالخطة الجديدة
خاض نادي فاروق المباراة بطريقة الظهير الثالث أو الليبرو الحر، الخطة الجديدة على اللاعبين المصريين. وتعتبر هذه الطريقة الذي ادخلها الى ملاعبنا هو المدرب الإنجليزي لمنتخب مصر إيريك كين مع صعود الفراعنة لأولمبياد لندن 1948 و التى لعبت دورًا كبيرًا فى تطوير شكل الأداء لمدافعي الكرة المصرية على مدار التاريخ ..
طريقة الظهير الثالث تحدد مسؤولية كل لاعب في الفريق، كما تحد من خطورة الهجوم المضاد او المعاكس والتى يعتمد نجاحها على المهارات الاساسية للاعبين ..
وفيها يجب ان يكون الظهير الثالث “الليبرو” في مستوى مهاري اعلى من بقية زملائه، ويجيد ألعاب الهواء مع الرقابة والتغطية السريعة لانه يعتبر العمود الفقري للفريق ..
والمثير والغريب ان نادى الزمالك اعتمد على الناشئ الجديد احمد عبدالعزيز فى مركز الظهير الثالث، وهو المكان الذى كان من المنتظر ان يلعب فيه صخرة مصر السوداء حنفى بسطان، ورغم قصر قامته استطاع عبدالعزيز أن يوقف خطورة لوكيتي مهاجم النادى المصرى الخطير المكير والذى كان يجيد ضربات الرأس بمهارة فائقة كما تألق ساحر الكرة عبدالكريم صقر فى قيادة الهجوم والتلاعب بدفاع الفريق البورسعيدى ومعة عمر شندى بفضل تمريراته الساحرة ..
غياب التغطية الإعلامية عن أول مباراة في الدوري
رغم أن مباراة الزمالك والمصري كانت مناسبة تاريخية .. حيث انها أول مباراة في تاريخ مسابقة الدوري المصري الممتاز .. لكن كانت التغطية الإعلامية للمباراة ضعيفة ولم تكن على مستوى الحدث ..
حيث لم تنشر أشهر المجلات في ذلك الوقت “مجلة المصور” أي خبر عن المباراة، فيما كتبت جريدة الأهرام على استحياء تحت عنوان” الدوري العام ونتائجه بالقاهرة ” كتب الكاتب الصحفى الشهير ابراهيم علام ” جهينه ” يقول ..
“بدأت أول مباراة في الدوري المصري الممتاز العام بالقاهرة أمس بمباراة بين نادي فاروق الأول والمصري عميد أندية بورسعيد، وكان المقدر لها أن يسودها الأخير لأن الأول ينقصه بعض كبار لاعبيه لكن الآية انعكست وفاز القاهريون 1/5 على ضعف تكوين فريقهم الذي كثرت فيه نسبة الاحتياطي”..
أما جريدة المقطم فقالت تحت عنوان:
“فريق فاروق يهزم فريق المصري 5-1. أقيمت أمس أول مباريات الدوري المصري العام بين فريق فاروق الاول – الزمالك حاليا – والمصري البورسعيدي. أقيمت المباراة على ملعب نادي فاروق الزمالك حيث كانت المواجهة قوية بين الفريقين.. فاز فاروق بخمس أهداف مقابل هدف وحيد وكان البطل عبد الكريم صقر موفقا فى ألعابه وكذلك عمر شندي.. عاد اللاعب عمر شندي الى مجده القديم ونال اعجاب المشاهدين بتوزيعاته المضبوطة”..
ولم يشترك في هذه المباراة محمد الجندي و حنفى بسطان وفهمى جميعي .. وكان فريق فاروق خليط من لاعبي الدرجة الثانية والاولى ولكنه تمكن من الفوز بانسجام ألعابه وتضامن أفراده أما فريق المصري فلم يظهر منه إلا سيد الضظوي وكان حارس مرماه ضعيف جدا سببا في هزيمة فريقه..
تشكيل الفريقين من صحيفة “البلاغ” ..
وانفردت صحيفة البلاغ فى معرض حديثها عن اللقاء بنشر تشكيل الفريقين والذى لم ينشر على صفحات جريدة الأهرام. كان عنوان المقال (فاروق 5 – المصري 1) وكتبت جريدة البلاغ في نشرتها:
أسفرت مباراة الجمعة في الدوري العام بين فاروق والمصري عن فوز الاول بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد. ولقد كان فريق المصري ناقلا للكرة أكثر من فريق فاروق ولكن هجمات الأخير كانت خطيرة نظرا لضعف حارس مرمى المصري. أيضا كان تكوين الفريقين يضم عددا كبيرا يحتل مكانه في الفريق لأول مرة كما يدل تكوينهما الآتي..
تشكيل نادى فاروق
- يحيى الحرية امام (حارس مرمى)
- فكري وهدان
- سعيد العربي
- محمود فضالى
- احمدعبدالعزيز
- عمر شندى
- محمد أمين
- على عثمان
- عبدالكريم صقر
- سعد رستم
- مصطفى نصر
تشكيل النادى المصرى
- كارولو (حارس مرمى)
- أنور أردش
- محمود الفحلة
- السعيد الوحش
- سعد الشربينى
- حسنى عبيد
- عطية
- السيد الضظوى
- لوكيتى الصغير
- حمدين الزامك
- محمد العدنى
أول مباراة .. مباراة الأوائل
أقيمت المباراة على ملعب الزمالك بقيادة الحكم نجيب عونى بحضور ما يقارب من (4,000) متفرج.. وبلغ ايراد اللقاء (225) جنيه مصري، وشهدت المباراة الانتصار الأول في تاريخ الدوري بطولة الدوري المصري الممتاز في أول موسم..
وشهدت أيضا أول هدف في تاريخ المسابقة والذي أحرزه لاعب الزمالك الصاعد محمد أمين حسب مجلة الأهرام الرياضي.. وكذلك اصبح سعد رستم لاعب فاروق ايضا اول لاعب يسجل ثلاثة أهداف “هاتريك” فى مباراة واحدة في تاريخ الدوري المصري..
طالع أيضا ..
الدوري المصري موسم 1948-1949 | البداية
“كتاكيت” الزمالك يهزمون “عتاقي” الاهلي
عقاب الألقاب .. بقلم جمال عبدالحميد
المصادر ..
تاريخ نادي الزمالك علي شبكة ويكي واند