خليل سعيد اللاعب السودانى الجنسية الذى لعب وتألق محترفا فى صفوف نادى الزمالك خلال حقبة الخمسينيات، وسجل اسمه بحروف من نور في سجلات الفارس الابيض .. حتى أنه أصبح واحدا من الذين وضعوا بصمة واضحة في مسيرة القلعة البيضاء، حيث قضى ستة مواسم داخل جدران نادي الزمالك حقق خلالها العديد من الانتصارات والانجازات.

وقد تم الإشارة إلى اللاعب في بعض المجلات والمواقع الرياضية بإسم خليل قدري .. ولكننا نصحح هذه المعلومة بأن أسم اللاعب الصحيح بالكامل هو “خليل ابراهيم سعيد عبدالقادر”

ورغم إنجازات اللاعب خليل سعيد اللافتة مع الفارس الأبيض إلا أنه قرر ترك الزمالك فجأه في بداية الستينيات متجها إلى الأراضي الألمانية.. وهناك كانت نهاية فهد الزمالك الأسمر مأساوية، حيث لقى حتفه فى ظروف تحدث عنها الكثيرون بأنها غامضة.

لغز وفاة نجم الكرة السودانية، ونادى الزمالك، دعت “موقع كوراببديا“ متمثلا فى كاتب السطور “جمال عبدالحميد”، و جريدة الدار السودانية، وممثلها الاستاذ “احمد الامين” مستشار تحرير الصحيفة، و معهما الاستاذ “فاتح مقبول” احد المهتمين بالتوثيق لكرة القدم السودانية، وانديتها ونجومها.. بالبحث والتقصي عن ملابسات وفاته المفاجئة ..

حيث قام الفريق بالبحث عن أسرة اللاعب من أجل معرفة الحقيقة، خاصة بعد أن كثرت الشائعات، وتضاربت الأقاويل فى حادث رحيل جوهرة نادى الزمالك السمراء.

كتب / جمال عبدالحميد

خليل سعيد موهوب منذ الصغر

قبل الخوض فى حادثة رحيل خليل سعيد عن دنيانا، كان لابد لنا أن نلقى الضوء على تاريخ هذا اللاعب الفذ، الذي تألق على مسرح الكرة السودانية قبل تألقه في ملاعب كرة القدم المصرية، خاصة أن تاريخه مجهول للكثيرين من عشاق الساحرة المستديرة فى البلدين الشقيقين.

ولد “خليل ابراهيم سعيد عبدالقادر” عام 1931، وبعد عدة سنوات من مولده كانت النشأة، وبداية الترعرع ولعب كرة القدم والتى بدأ ممارستها في السابعة من عمره مع أترابه في أزقة وحواري حي الديوم بمدينة الخرطوم بحري مسقط رأسه، وكان متوقعا ان يكون احد الاسماء البارزة فى عالم الساحرة المستديرة، نظرا لموهبته الفذة وتميزه بالمهارة الفنية العالية، والتسديدات القوية التى لا تصد ولا ترد.

رحلت الأسرة فى منتصف الأربعينيات إلى حي الختمية، والذى يعد من الأحياء العريقة في بحري، وهناك تفجرت موهبته الكروية، فانضم الى نادي الوحدة الذي كان ينشط في القسم الثالث ،ولعب له فترة بسيطة، انتقل بعدها إلى نادي الكوكب، وسريعا لمع أسمه، وذاع صيته و طغت شهرته .

التألق مع الكوكب والتحرير البحراوي

بعد تألقه مع نادي الكوكب أنضم سعيد إلي نادي التحرير البحراوي، الذي كان يعرف في ذلك الوقت باسم “إستاك” نسبة إلى مؤسسها القائد الإنجليزي سير “لي إستاك” حاكم السودان العام إبان الاحتلال البريطاني للبلاد.

استطاع الفهد الأسمر الصاعد ومعه مجموعة من النجوم الكبار أمثال عثمان الحاج الصادق وحسن عثمان وخضر السيد وعبدالله حسن ومحمد خير السيد وعبدالله جابر، جعل نادى التحرير رقما مهما، ومؤثرا فى الكرة السودانية، و يكفي أنهم قادوا الفريق الى اعتلاء منصات التتويج، عندما استطاع الفوز بأول بطولة للدوري السوداني موسم 51-1952.

بموهبته الفذة استطاع خليل سعيد أن يكون أحد الركائز الأساسية التي يعتمد عليها نادى التحرير، و نظرا لظهوره بمستوى عالى حيث تميز أدائه بالقوة والحماس والغيرة واللعب الرجولي، كما كان مهاجما مرعبا يهابه الخصوم ويعملون له ألف حساب، تسابقت أندية القمة للظفر بتوقيعه ، ولكن خليل سعيد كان له وجهة أخرى .

خليل سعيد فى “أم الدنيا” مصر لتحقيق الأحلام

عقب قيام ثورة يوليو 1952 قرر خليل سعيد السفر إلى مصر ” ام الدنيا ” من أجل الدراسة بالأزهر الشريف ضمن البعثات التي اتاحتها الحكومة المصرية لطلاب السودان، وزامل وقتها فى الدراسة “علي شمو” الإعلامي والبروفيسور السوداني البارز فيما بعد، والذى تولى العديد من المناصب الرياضية والإعلامية في السودان .

وقتها كون الطلبة السودانيين فريقا لكرة القدم، كان الفهد الأسمر ابرز نجومه، وكان يتابع مباريات هذا الفريق الكابتن على شرف، والذى كان قد انتقل من نادى الحديد، أحد أندية الدرجة الأولى بالسودان الى اللعب فى نادى الزمالك.

وكان يتابعه أيضا اللاعب على أبو القاسم، وهو من أصول سودانية، وكان طالبا بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، ولاعبا بالقلعة البيضاء، فاستطاع الثنائى شرف وابوالقاسم فى ضمه إلى صفوف نادي الزمالك، ليبدأ رحلة التألق والنجومية بالقميص الأبيض .

خليل سعيد يبدأ رحلة التألق مع الأبيض

بدأ سعيد رحلة التألق فى القلعة البيضاء منذ موسم 1955/1954، عندما استطاع نادى الزمالك الفوز بلقب كأس مصر، بعد الفوز في المباراة النهائية على الاتحاد السكندرى 1/2، حيث كان للنجم السودانى دورا كبيرا فى الفوز بهذا اللقب.

وكتب نجمنا اسمه في سجل هدافي بطولة كأس مصر موسم 1955 بعد احرازه هدفين لصالح فريقه فى مرمى كلا من طنطا فى الدور الأول، وفي مباراة ربع النهائي ضد فريق اتحاد السويس.

وسجل أيضا فى نفس الموسم هدفا واحدا فى بطولة الدورى الذى تم إلغاؤه بسبب مشكلة مباراة الاهلى والترام الشهيرة.. علما بان نادى الزمالك كان متصدر جدول الترتيب وقتها .

سعيد يتألق والزمالك يخسر الدورى والكأس

شهد موسم 1955/ 1956 تألق خليل سعيد مع الفارس الأبيض، خاصة في بطولة الدوري، التي خسرها الزمالك بفارق نقطة واحدة على النادى الاهلى الفائز باللقب، وسجل فى البطولة 7 أهداف.. أشهرها هدف فوز نادى الزمالك فى لقاء الترسانة ضمن مباريات الاسبوع الرابع عشر والذى جاء قبل انتهاء المباراة بخمس دقائق ..

ويدا نادى الزمالك بطولة كأس مصر فى نفس الموسم، بفوز كبير على نادى دمنهور بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد كان نصيب سعيد منها هدفين.

فى دور الثمانية كان سعيد هو نجم لقاء أصحاب القميص الابيض بدون منازع امام نادى المصرى البورسعيدى.. حيث فاز الزمالك بالمباراة بعد وقت إضافي بأربعة أهداف مقابل هدفين .. وسجل خليل هدفين من اهداف فريقه.

لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن أبناء القلعة البيضاء فى هذا الموسم، حيث خرج الزمالك من البطولة بعد الهزيمة امام نادى الترسانة بثلاثة أهداف مقابل هدفين في الدور قبل النهائي .

خليل سعيد يسجل 9 أهداف فى موسم واحد

موسم 1957/1956 كان هو الأعلى تهديفا في تاريخ مشاركات خليل سعيد مع نادى الزمالك، عندما استطاع جوهرة الزمالك السمراء من تسجيل 9 أهداف خلال بطولة الدورى العام منها ثلاثية (هاتريك ) فى المباراة التى جمعت نادى الزمالك، ونادى المحله فى الاسبوع الثانى من عمر المسابقة..

احتل أبناء ميت عقبة المركز الثانى فى مسابقة الدورى العام، بجدول الترتيب النهائي خلف الاهلى البطل، ولكن الفريق الأبيض استطاع بنجومه الكبار علاء الحامولى وعصام بهيج وشريف الفار ونور الدالى ويكن حسين وعلى رأس القائمة خليل سعيد من الفوز بلقب بطولة كأس مصر فى نفس الموسم .

خليل سعيد والتألق أمام الأهلي

خليل سعيد كان من اللاعبين القلائل فى تاريخ نادى الزمالك فى بطولة الدورى سجلوا هدفين في مباراة واحدة فى مرمى النادى الاهلى.

سجل الدباح – وهو أحد الألقاب العديدة التى اشتهر بها خليل سعيد فى الملاعب – فى شباك الأهلي 5 أهداف، حيث كان من أكثر لاعبى الزمالك توفيقا فى لقاء قمة كرة القدم المصرية، و كلاسيكو العرب الأهم والأشهر بين القطبين الكبيرين الأهلي والزمالك، حتى أن البعض أطلق عليه “بعبع الأهلي” .

أول أهداف خليل سعيد داخل الشباك الأهلاوية كان في موسم 1956/1955 فى المباراة التى أقيمت ضمن لقاءات الأسبوع السادس عشر، والتي انتهت بفوز الزمالك بهدفين مقابل هدف واحد.

وسجل سعيد فى موسم 1956/1957 هدف فى اللقاء الذى أقيم بين القطبين فى الاسبوع السابع من مسابقة الدوري وانتهى بتعادل الفريقين بهدف لكل منهما .

الموسم الأخير لخليل سعيد

استطاع الفارس الأبيض فى (موسم 59-1960) احراز اول بطولة دورى فى تاريخه، بعد فوزه على الغريم والمنافس التقليدى النادى الأهلى بهدفين مُقابل هدف واحد فى لقاء مثير منذ دقائقه الأولى.

حيث لعب الزمالك لقاء الاهلى ناقص العدد عقب إصابة مدافعه على عبدالباقى بعد عشر دقائق من انطلاق المباراة، وفى ظل النقص العددى كان خليل سعيد وحش الزمالك وجوهرته السمراء هو بطل القمة الأول دون منازع، بعدما سجل هدفين في الدقيقتين 35 ، 50 .. قبل أن يسجل صالح سليم هدف النادى الأهلي الوحيد في الدقيقة 85، ويفوز الزمالك بالمباراة، وببطولة الدوري لأول مرة فى تاريخ القلعة البيضاء .

طالع أيضا | الزمالك بطل الدوري للمرة الأولي (موسم 59-1960) .. من هنا

أخر مواسم “خليل سعيد “مع الزمالك كان موسم 1959 /1960 ، وذلك بعد قيادته الفريق للحصول بطولة الدورى من بين انياب المارد الاحمر، ثم عاد سعيد ليلعب دورا كبيرا فى نهائي كأس مصر عام 1960، أمام الأوليمبى السكندرى ، عندما فاز الفارس الأبيض بثلاثة أهداف مقابل هدفين و سجل لأبناء ميت عقبة “علي محسن” هدفين، خليل سعيد هدف.

انجازات خليل سعيد مع الزمالك

عقب الفوز بالدوري والكأس في موسم 59- 1960 انتهت مسيرة ابن حي الديوم السودانى مع القلعة البيضاء، والتي كانت حافلة بالتألق والنجومية حيث لعب بالقميص الأبيض ستة مواسم قاد خلالها الزمالك للفوز بكأس مصر 4 مرات متتالية عام 1957 ، وعام 1958 مناصفة مع نادى الأهلى ، وعام 1959، وعام 1960.

كما كان أحد نجوم الزمالك بطل الدوري لأول مرة فى تاريخ القلعة البيضاء (موسم 59-1960)

سجل خليل سعيد أثناء مسيرته مع الفارس الأبيض 39 هدفا (29 هدف فى بطولة الدورى، 10 أهداف في بطولة كأس مصر) .

خليل سعيد يرحل الى ألمانيا

بعد انتهاء موسم 1959 / 1960 غادر” خليل سعيد ” مصر “ام الدنيا” متجها الى بلاد الماكينات الألمانية دون معرفة الأسباب التي ترك من أجلها نادى الزمالك، وفى عام 1968 وبعد ثمانية أعوام قضاها فى بلاد الألمان وافته المنية في ظروف غامضة.. ليعود خليل سعيد الى وطنه جثه هامدة بعد أن ملأ ملاعب الكرة حيوية ونشاط و تألق ونجومية.

الشائعات .. وتضارب الأقاويل

الظروف الغامضة التي توفي على اثرها فهد نادى الزمالك الأسمر خليل سعيد هي التي دعتنا فى ” كوراببديا “ إلى البحث والتنقيب من أجل معرفة الحقيقة، خاصة بعد أن كثرت الشائعات، وتضاربت الأقاويل فى حادث رحيله .

فقد تحدث البعض ان “خليل سعيد” الذي عمل أثناء لعبه مع نادى الزمالك، فى شركة النقل الخاصة برئيس القلعة البيضاء ” عبد اللطيف أبو رجيله ” سافر إلى ألمانيا من أجل دراسة الهندسة، و هناك لعب لأحد فرق الدرجة الثانية ، وعلى الأراضي الالمانية كانت نهاية خليل سعيد مأساوية، حيث لقى حتفه مقتولاً بعد شجار مع شخص ألماني ! .

آخرون أكدوا أن حادثة الوفاة كانت بدوافع عنصرية، حيث تعرض خليل سعيد للعديد من حوادث التمييز العنصري بسبب بشرته السمراء خلال فترة وجوده في ألمانيا !

كورابيديا تلتقى شقيق خليل سعيد

تمكن فريق بحث كورابيديا و جريدة الدار السامية من جمع معلومات عديدة بخصوص بدايات خليل سعيد الكروية، وذلك من زملاء اللاعب الذين عاصروه فى الملاعب،بالإضافة الى الوصول الى اسرة اللاعب التى تعيش فى منطقة بحرى، حيث قطع الاستاذ احمد الامين ما يزيد عن ثلاثون كيلو متر للوصول إلى شقيق اللاعب الأستاذ “عبود سعيد عبد القادر”، والذى كان يبلغ من العمر أربعة عشرة عاما عند وفاة شقيقه .

تم تحديد ميعاد مع عبود سعيد شقيق اللاعب الراحل لمقابلة الأستاذ “فاتح مقبول” الذى واجهه بكل ما قيل عن حادثة رحيل شقيقه الأكبر، وقد تحدث الاستاذ عبود بكل شفافية نافيا كل ما قيل عن وفاة اخيه، حيث أكد ان شقيقه خليل سعيد غادر الأراضي المصرية إلى ألمانيا من أجل العمل، وذلك عن طريق احد اصدقائه .

خليل سعيد يعمل فى شركة مرسيدس

تحدث ايضا عبود سعيد أن شقيقه التحق بالعمل في شركة مرسيدس الألمانية لصناعة السيارات، والتي ما أن عرف المسئولين عنها أنه كان لاعبا لكرة القدم فى السودان ومصر، فتم ضمه الى احد الاندية الصغيرة التي ترعاها الشركة.

وظل خليل سعيد – والكلام ما زال على لسان شقيقه – يعمل فى الشركة الالمانية ويلعب لناديها ،وفي أحد لقاءات ناديه الألماني اصطدمت احدى الكرات القوية بصدره أفقدته الوعى فدخل على اثرها المستشفى حيث وافته المنية بعد أيام قليلة عقب تدهور حالته الصحية فقامت السفارة السودانية فى المانيا بإرسال جثمانه إلى السودان مع موفد من قبل الالمان ليتم دفن الجثمان فى مقابر العائلة بمنطقة بحرى .

هل زواجه من ألمانية كان السبب في وفاته؟

كما أكد شقيقه ان أحد أصدقائه كان قد سافر لدراسة الطب في ألمانيا، وهناك التقى خليل سعيد الذى اتضح انه قد تزوج من سيدة المانية – قيل انها مليونيرة دون تأكيدات – وانجب منها ولد وبنت .

كما اضاف الاستاذ ” عبود سعيد ” أنه لو كان هناك شبهة جنائية في وفاة أخيه لكانت الاسرة رفضت دفن الجثمان الا بعد تشريحها لمعرفة حقيقة الوفاة، ايضا كانت السفارة السودانية فى ألمانيا قد طالبت السلطات الالمانية بتشريح جثمان شقيقه التى وصلت الى مثواها الاخير فى السودان كما هى دون تشريح .

كانت هذه هى شهادة الاستاذ ” عبود سعيد ” عن وفاة شقيقه الفهد الاسمر، وجوهرة الكرة السودانية و النجم المتألق مع نادى الزمالك، الذى وافته المنية في ظروف غامضة كما وصفها البعض وتلك الشهادة لا نستطيع أن نؤكد او ننفي ما جاء بها .